تنص
المادة 278 من قانون العقوبات المصري على:
"كل من فعل علانية فعل فاضح مخل بالحياء، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه"
كما
تنص المادة 198 من قانون الجزاء الكويتي على:
"من
أتي إشارة أو فعلاً مخلاً بالحياء في مكان عام بحيث يراه أو يسمعه من كان في مكان
عام ، أو تشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة
واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين"
و
من الجلي ان الهدف من تجريم الفعل الفاضح هو حماية الشعور العام بالحياء لدى
المجتمع و الذي يتأذى من إتيان أفعال ذات دلالات جنسية بصورة علنية، علاوة على ذلك
فالمشرع يسعى إلى تثبيت الفضيلة و الأخلاق و الحفاظ على نقاء الأماكن العامة من
تلك الأفعال.
و
لهذه الجريمة ثلاث أركان هم:
1
– الركن المادي و يتمثل في ارتكاب فعل مخل بالحياء العام.
2
– العلانية.
3
– القصد الجنائي.
فلا
تتحقق الجريمة إلا بتوافر الثلاثة أركان مجتمعة وهو ما أكدته محكمة النقض المصرية
في أحكامها حيث انه من المقرر في قضاء محكمة النقض :
"
أن جريمة الفعل الفاضح العلنى على ما يبين من نص المادة ٢٧٨ من قانون العقوبات لا
تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة (الأول) فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن
سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه (الثاني) العلانية ولا
يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة
(الثالث) القصد الجنائي وهو تعمد الجاني إتيان الفعل ."
(طعن
بالنقض رقم 15583 لسنة 67 ق جنائي – جلسة 28/12/2006)
و
نتعرض في مقالنا إلى هذه الأركان بالتفصيل على النحو الآتي بيانه:
أولاً:
الركن المادي (الفعل الذي يخدش الحياء العام)
لم
يعرف المشرع الفعل الفاضح على وجه التحديد و لكن يمكن لنا تعريفه على انه كل فعل
مادي يقع من قبل الجاني سواء كان حركة أو إشارة أو موقف يكون من شأنه الإخلال
بالحياء العام.
إذا
لا يمكن ان تتحقق الجريمة دون ان يرتكب الجاني فعلاً مادياً يقع في صورة حركة عضوية
و بالتالي فإن نطاق هذه الجريمة يخرج عنها الأقوال مهما بلغت من فظاعة فُحشها.
و
من المقرر في قضاء محكمة النقض المصرية:
"
أنه يشترط لتوافر جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء وقوع فعل مادي يخدش المرء في
حياء العين و الأذن، أما مجرد الأقوال مهما بلغت من درجة البذاءة و الفحش فلا
تعتبر إلا سباً، فإذا كان الحكم قد اعتبر أن ما وقع من الطاعن من قوله بصوت مسموع
لسيدتين يتعقبهما ( تعرفوا أنكم ظراف تحبوا نروح السينما) جريمة فعل فاضح مخل
بالحياء فإنه يكون قد اخطأ الوصف القانوني لهذه الواقعة"
(طعن
بالنقض 440 لسنة 23ق – جلسة 16/6/1953)
و
في الواقع العملي تقابلنا صعوبة تحديد معيار الإخلال بالحياء العام و سبب ذلك ان
كل مجتمع لديه فكرته عن الحياء و عن الأخلاق، و الشعور العام بالحياء يستند في
أساسه على مجموعة من القيم الدينية و الأخلاقية و التقاليد الاجتماعية التي تسود
المجتمع. و لكن تطبيق معيار محدد للإخلال بالحياء العام في غاية الصعوبة فحتى
المجتمع الواحد تختلف فيه القيم الأخلاقية و التقاليد من فرد لآخر وما هو مقبول لدى شخص غير مقبول لدى آخر و
بالتالي فإذا كان القاضي يتمتع بسلطة تقديرية في تحديده للأفعال المخلة بالحياء من
عدمه فإنه يجب عليه ان يضع في اعتباره النظر إلى مشاعر المجتمع بشكل عام دون
التفات لما يشعره هو نفسه تجاه ذلك الفعل أو لما تشعره فئة متزمتة أو أخرى منحرفة
.
صور
الإخلال بالحياء العام:
يتأتى
الإخلال بالحياء العام سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه ومثال
على الحالة الأخيرة هي ان يمشي الجاني عارياً في الطريق أو يكشف عورته و أعضائه
التناسلية علناً أو يقوم بحركات و إشارات لها دلالات جنسية.
أما
الأفعال التي تقع على جسم الغير فيدخل في نطاقها كل أفعال التمازج الجنسي و لكن قد
ترد هذه الأفعال على جسم الغير برضائه أو بغير رضائه وهنا يفرق المشرع بين
الحالتين فإذا وقع الفعل الفضل بالرضا على جسم شخص آخر سواء كان رجل أو امرأة فإن
الغير في هذه الحالة يعتبر فاعلاً في جريمة الفعل الفاضح حيث انه شارك بفعله و
برضائه في وقوع الجريمة.
و
جريمة الفعل الفاضح تقوم سواء أكانت تلك الأفعال مشروعة لطرفيها قانوناً كمن يتصل
بزوجته جنسياً في مكان عام أو يمارس معها أفعالاً جنسية دون ذلك أو غير مشروعة
قانوناً كمن يواقع انثى بلغت 21 عاماً برضاها في مكان عام.
ثانياً:
ركن العلانية
يعتد
القانون في جرائم قليلة بالمكان الذي تقع فيه فيعتبره عنصراً لازماً فيها متصلاً
بركنها المادي. ومن هذه الجرائم جريمة الفعل الفاضح العلني. ولا يشترط لتوافر
العلانية أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة .
لذلك
قضت محكمة النقض المصرية:
"
لا يشترط لتوافر العلانية التي عنتها المادة 278 من قانون العقوبات أن يشاهد الغير
عمل الجاني فعلا بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة."
(طعن
رقم 644 لسنة 43 ق -جلسة 14/10/1973)
وهذه المشاهدة كما تكون بالرؤية قد تكون بالسمع
إذا دل صوت الجاني على الفعل. فالعلانية هي العنصر الجوهري في هذه الجريمة لأنها
النفي المباشر للخفاء الذي تفترضه الأخلاق العامة وبالتالي يجب على حكم الإدانة ان
يثبت قيام تلك العلانية صراحة و الظروف التي استنتج منها توافرها.
وقد
يتحقق ركن العلانية في مكان عام أو مكان خاص و نتناول هذه الأماكن بالتفصيل الآتي
:
العلانية
في مكان عام تنقسم إلى ثلاثة أنواع هم: 1- أماكن عامة بطبيعتها. 2 – أماكن عامة
بالتخصيص. 3 – أماكن عامة بالمصادفة.
و
الأماكن العامة بطبيعتها هي الأماكن المتاحة لجميع الناس على نحو مستمر ومطلق دون
أي قيود ومثال على ذلك الشوارع و الشواطئ و الحدائق و السكك الزراعية و الميادين و
المتنزهات و غيرها فمن يرتكب فعلاً فاضحاً يعد مرتكباً له علناً ولو أرتكبه في
الظلام أو في ناحية بعيدة عن الأنظار وذلك لاحتمال المشاهدة في مكان يسمح فيه
للجمهور بالمرور في أي وقت بلا قيد ولا شرط ، ولذلك يقال ان العلانية هنا مستمدة
من طبيعة المكان.
و
الأماكن العامة بالتخصيص هي ما يسمح للجمهور بدخولها في أوقات معينة أو شروط معينة
مجاناً أو بأجر، كالمساجد و الكنائس ومحال اللهو و دواوين الحكومة و المرافق
العامة ونحوها. وهذه الأماكن تأخذ حكم
الأماكن العامة بطبيعتها في الأوقات التي تكون فيها مفتوحة للجمهور و تأخذ حكم
الأماكن الخصوصية في غير تلك الأوقات، بمعنى أن الفعل الذي يرتكب فيه عندئذ لا
يكون علنياً إلا اذا أمكن مشاهدته بسبب عدم احتياط الفاعل.
أما
الأماكن العامة بالمصادفة فهي أماكن خاصة بالأصل و لكن قد يجتمع فيها عدد من الناس
بطريق المصادفة كالسجون و المدارس و المستشفيات و النوادي و تأخذ هذه حكم الأماكن
العامة بطبيعتها وقت اجتماع الجمهور بها، و حكم الأماكن الخاصة فير غير هذه
الأوقات .
و قد قضت محكمة النقض المصرية على:
"
المكان العام بالمصادفة - كالمقابر - هو بحسب الأصل مكان خاص قاصر على أفراد طوائف
معينة, لكنه يكتسب صفة المكان العام في الوقت الذي يوجد فيه عدد من أفراد الجمهور
بطريق المصادفة أو الاتفاق فتتحقق العلانية
في الفعل الفاضح المخل بالحياء في الوقت المحدد لاجتماع
الجمهور بالمكان, أما في غير هذا الوقت يأخذ حكم الأماكن الخاصة بحيث تتوافر
العلانية متى شاهد الفعل الفاضح أحد أصحاب المكان أو نزلاؤه أو كان
من المستطاع رؤيته بسبب عدم احتياط الفاعل, فإذا أهمل الفاعل في اتخاذ الاحتياط
الكافي كأن يكون قد أغلق الباب دون إحكام, فإنه يؤاخذ بمقتضى المادة ٢٧٨ من قانون
العقوبات إذا دخل عليه أحد من الخارج وشاهد فعله ولو كان دخوله بطريق المصادفة.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في توافر ركن العلانية إلى أن باب المكان
الذي ارتكب فيه الفعل لم يكن موصداً بمزلاج يمنع من يريد الدخول إليه،
فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وأقام قضاءه على ما
يحمله."
(طعن
بالنقض رقم 644 لسنة 43 ق جنائي – جلسة 14/10/1973)
و
يتعين الإشارة على نحو ما سبق لنا ذكره ان ركن العلانية قد يتوافر في الأماكن
الخاصة ، و يقصد بالأماكن الخاصة التي يقتصر الدخول فيها على أشخاص معينين و لا
يجوز لغيرهم دخولها إلا بإذن منهم كالمساكن الخاصة و غرف الفنادق و السيارات و
المصاعد و غيرها.
و
يتحقق ركن العلانية في الأماكن الخاصة في الحالات الآتية:
أ
- تحول مكان خاص إلى مكان عام بسبب وجود جمهور من الناس به و بالتالي تتوافر
العلانية في المكان على الرغم من كونه خاصاً بالأصل .
ب
– رؤية او سماع من كان في مكان عام للفعل المخل بالحياء الذي يقع في مكان
خاص.
مثال
على ذلك غرف المسكن التي تطل نوافذها على الطريق العام فمن يكشف عورته وهو واقف في
نافذة منزله بحيث يراه المارة في الشارع فأنه يرتكب جريمة الفعل الفاضح أو من
يحتضن فتاة و يقبلها في سيارة خاصة بحيث يراه من كان في الطريق العام فإنه يرتكب
الجريمة أيضاً.
و
ان القضاء المصري قد توسع في مفهوم العلانية ليشمل حالة الفعل المخل بالحياء الذي
يرتكب في مكان خاص بحيث يراه او يسمعه من كان في مكان خاص آخر.
ثالثاً:
ركن القصد الجنائي .
يتكون
عنصر القصد الجنائي في هذه الجريمة بإتيان الجاني فعلاً فاضحاً متعمداً فلا جريمة إذا
لم يتعمد الجاني إتيان الفعل كأن يقع منه عرضاً أو خطأ ، و يجب أن يكون الجاني
عالماً بأن فعلته من شأنها ان تخدش الحياء.
تعليقات
إرسال تعليق