التخطي إلى المحتوى الرئيسي

معيار التمييز بين الأعمال التجارية و الأعمال المدنية

 



هناك ضرورة ملحة تحتم علينا تمييز الأعمال المدنية عن الأعمال التجارية خاصة ان الاعمال التجارية يحكمها قواعد قانونية خاصة بها حيث ان القانون التجاري هو القانون الذي يطبق على التصرفات التجارية و ينظم حرفة التجارة فكيف نفرق التصرفات المدنية عن التصرفات التجارية؟  ان هذا التمييز بالغ الأهمية من حيث الاختصاص و من حيث قواعد الاثبات التي يجب تطبيقها على النزاع وسوف نتناول هذه الأهمية بالتفصيل في مقال لا حق.

 و لكن ترتب على ذلك ان ثار التساؤل عن معيار يصلح للتمييز بين الأعمال التجارية و الأعمال المدنية و قد استقر الفقه القانوني في هذا الشأن على معايير أربعة  يمكن الاهتداء بهم معاً لتمييز الأعمال التجارية عن المدنية و نتطرق إليهم على النحو الآتي:

 

المعيار الأول: معيار المضاربة أو قصد الربح.

لجأ الفقه و القضاء إلى الأخذ بفكرة المضاربة للتمييز بين العمل المدني و العمل التجاري استناداً إلى ان المضاربة هي من أهم خصائص التجارة، فاعتبروا كل تصرف هدفه تحقيق الربح و السعي إليه عملاً تجارياً.

و الواقع أن القضاء يستعمل غالباً هذا المعيار في حكمه على طبيعة العمل محل النزاع، و رغم ان معيار المضاربة يمتد نطاقه إلى أكبر قدر من الأعمال التجارية إلا ان هذا المعيار لا يخلو من عيوب ووجه بعض الفقهاء له النقد حيث ان هذا المعيار يُدخل أعمالاً مدنية كثيرة في دائرة الأعمال التجارية ، كالمهن الحرة مثل المهندسين و الأطباء و المحامين الذين يسعون من وراء أعمالهم إلى الربح . كما ان هذا المعيار لا يمكن تطبيقه على بعض الحالات الاستثنائية كما هو الشأن بالنسبة للتاجر الذي يقصد عدم الربح في سبيل منافسه غيره من التجار ، أو لجذب العملاء ،رغم ان أعمال التاجر في هذا الخصوص تعتبر تجارية .

و قد أخذت بعض التشريعات العربية بهذا المعيار منها قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 حيث نصت المادة 3 من القانون على :

"الأعمال التجارية هي الأعمال التي يقوم بها الشخص بقصد المضاربة ، ولو كان غير تاجر."

 

كما ان المقرر في قضاء محكمة التمييز الكويتية:

"اذ كانت المادة الثالثة من قانون التجارة تنص على أن الأعمال التجارية هي الأعمال التي يقوم بها الشخص بقصد المضاربة ولو كان غير تاجر وكان استخلاص تجارية العمل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها ما دام استخلاصها سائغا وله اصل ثابت بالأوراق وكان الحكم المطعون فيه قد اقام قضاءه في هذا الخصوص على ما استخلصه من مستندات الطاعنين من أنها قدما لتنفيذ أعمال المقاولة اعدادا كثيفة من العمال وهو ما يدل على انهما احترفا هذا التوريد وأنه كان نشاطهما الرئيسي في عملية المقاولة وهي أسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهى اليه من تجارية العمل لا مخالفة فيها للثابت بالأوراق أو للقانون."

 (طعن بالتمييز رقم 10 لسنة 1995 تجاري – جلسة 3/11/1996 )

 

المعيار الثاني : معيار التداول.

معيار التداول يقصد به تداول الثروات و يصبغ هذا المعيار الصفة التجارية على الأعمال التي تقع على السلع و البضائع و النقود و الأسهم وغير ذلك من المنقولات في فترة تداولها من بين يد المنتج الأول إلى يد المستهلك . و معنى ذلك أن الصفة التجارية تصبغ على جميع أعمال تداول السلع و الوساطة فيها طالما أنها في حركة تداول أما الأعمال تتناولها السلع و هي في حالة ركود مثل عمل صناعة السلعة أو المستهلك الأخير الذي حاز السلعة فهي أعمال مدنية.

و تطبيقاً لمعيار التداول يعتبر الشراء بقصد البيع و ما يتصل به من عمليات كالسمسرة أو الوكالة بالعمولة أو الإيداع بأحد المخازن من الأعمال التجارية نظراً لأنها تجعل الثروات في حالة حركة و تداول كذلك فإن العمليات البنوك تعتبر عملاً تجارياً لأنها تعد في جوهرها تداولاً للنقود.

و لكن هذا المعيار يُبعد كل ما يتعلق بالعقارات لأنها ليست محلاً للتداول من مكان إلى آخر و إنما يتم التصرف فيها وفقاً لإجراءات معينة وحتى لو قصد من التصرف فيها تحقيق الربح و المضاربة فلا ارتباط بين فكرة التداول وتحقيق الربح في نظر أنصار هذا المعيار.

 

 و يمكن توجيه النقد إلى هذا المعيار بأنه لا يفسر لنا بعض الاعمال التي تعتبر في جوهرها وساطة في تداول الثروات دون أن تعتبر أعمالاً تجارية ، كالأعمال التي تقوم بها الجمعيات التعاونية التي لا تهدف إلى ربح حيث ان سلع هذه الجمعيات تكون في تداول مستمر و لكن الجمعية لا تهدف من هذا التداول إلى أي ربح ، كما لا يفسر لنا هذا المعيار اعتبار بعض الاعمال التجارية رغم عدم خضوعها لمعيار التداول مثل المضاربة على العقارات . 

المعيار الثالث: معيار المقاولة.

يهدف هذا المعيار إلى اعتبار أحكام القانون التجاري تقوم على أساس المشروع ذاته و ليس على أساس العمل التجاري، فنادى أنصار هذا المشروع بوجوب اتخاذ المشروع و احتراف الشخص للعمل أي تكرراه لهذا العمل. وهناك اتجاه كبير في الفقه يؤيد هذا المعيار للتمييز بين التاجر و الحرفي. فالأعمال التجارية هي التي يباشرها التاجر و المتعلقة بمشروعه التجاري.

و يتميز معيار المقاولة بوجود مظاهر خارجية وواقعية تشير إلى قيام شخص باعمال تجارية بصفة دائمة و ليس على نحو عرضي وفكرة المحل التجاري تعد تطبيقاً لهذا المعيار. 

 

و من المقرر في قضاء محكمة النقض المصرية :

" يشترط لإسباغ الصفة التجارية على عمل صاحب الحرفة أن يستخدم عمالاً أو آلاتٍ ، فيضارب على عمل هؤلاء العمال أو إنتاج تلك الآلات ، أما إذا اقتصر الأمر على مباشرة حرفته بمفرده ، انتفت صفة المضاربة وأصبح من الحرفيين ، ولا يعتبر أنه قد أنشأ متجراً بالمكان المؤجر ، إذ تقوم صلته بعملائه في هذه الحالة على ثقتهم في شخصه وخبرته ، بخلاف المحل التجاري الذى يتردد عليه العملاء لثقتهم فيه كمنشأة مستقلة عن شخص مالكها ."

(طعن بالنقض رقم 15013 لسنة 89 ق – جلسة 20/2/2021)

 

رغم ان معيار المقاولة يجد سنداً من القانون و الواقع حيث تأخذ بعض التشريعات بفكرة المقاولة في كثير من الحالات كما هو الحال في مقاولات الصناعة و النقل و التوريد في التشريع المصري إلا أن هذا لا ينفي ان المشرع المصري يتخذ من العمل التجاري معياراً لتطبيق أحكام  القانون التجاري، كما هو الحال في عمليات الشراء بقصد البيع أو التأجير و تأسيس الشركات التجارية.

و يمكن توجيه النقد إلى معيار المقاولة في أنه أحياناً يبدو واسعاً فضفاضاً في مجال تطبيقه كما أن من شأن هذا المعيار اعتبار أعمال بعض المشروعات التجارية رغم الاعتراف بها كأعمال مدنية كالمشروعات الفنية. كما ان هذا المعيار يشوبه قصور شديد  حيث ان هناك بعض الأعمال التجارية التي لا يشترط في مباشرتها أن تتخذ شكل المشروع مثل الشراء بقصد البيع.

 

 

المعيار الرابع: معيار الحرفة التجارية.

و يقتضي ذلك المعيار اعتبار العمل تجارياً إذا تم من خلال الحرفة التجارية للشخص، و على العكس يعد العمل مدنياً إذا تعلق بحرفة الشخص المدنية. و تطبيقاً لذلك إذا قام التاجر بعمل لا يتعلق بحرفته التجارية كان عملاً مدنياً.

و قد استثنى انصار هذا المعيار الأعمال المنفردة المنصوص على تجاريتها إذا قام بها غير تاجر لاعتبارها تجارية سواء بحسب شكلها كالكمبيالة وشركات المساهمة و التوصية بنوعيها و التضامن و المسئولية المحدودة أو بحسب طبيعتها كعمليات البنوك و السمسرة أو بحسب سببها كالأعمال التي تتم بقصد المضاربة كالبيع التجاري .

و إن هذا المعيار لا يضيف جديداً لما استقر عليه فقه القانون التجاري من تقسيم للأعمال التجارية ، ذلك أن معيار الحرفة التجارية ليس إلا الأساس الذي تقوم عليه نظرية الاعمال التجارية بالتبعية كما ان الاستثناءات التي اعترف بها ليست الأعمال التجارية المنفردة.

في الختام:  لا مراء من انه يستحيل علينا الاعتماد على معيار واحد لتمييز الاعمال التجارية عن الاعمال المدنية فالعمل التجاري متنوع و لا يمكن حصر حالاته و ان التشريعات القانونية ليست مؤسسة على معيار واحد ، و إذا كانت المعايير السابقة عجزت عن وضع معيار دقيق لتمييز الاعمال التجارية إلا انه يمكن الاهتداء بها معاً في هذا الشأن.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصفة كشرط مستقل لقبول الدعوى

      تعتبر الصفة شرطاً لقبول الدعوى فإذا كان مقيم الدعوى يتصرف باسمه و لحسابه شخصياً بأن زعم بأنه شخصياً صاحب الحق الذي يطالب به، فإن الصفة في هذه الحالة لا تكون شرطاً مستقلاً لقبول الدعوى حيث يغني عنها شرط المصلحة الشخصية المباشرة ، و إذا تبين بعد فحص الموضوع أن المدعي ليس صاحب حق موضوعي ، فإن ذلك لا يعني انه لم يكن صاحب الصفة لأن وجود الصفة كان أمراً ثابتاً ، و بمقتضى هذه الصفة باشر المدعي حق الدعوى كحق مستقل عن الحق الموضوعي. لذلك كان من قضاء محكمة النقض المصرية: " الصفة في الدعوى شرط لازم وضروري لقبولها والاستمرار فى موضوعها فإذا انعدمت فإنها تكون غير مقبولة ويمتنع على المحاكم الاستمرار فى نظرها والتصدي لها وفحص موضوعها وإصدار حكم فيها بالقبول أو الرفض بما لازمه أن ترفع ممن وعلى من له صفة فيها " (طعن رقم 20939 لسنة 89 ق مدني – جلسة 24/3/2021) و لكن الصفة في الدعوى تتخذ أشكال مختلفة نتطرق لها على النحو الآتي: أشكال الصفة في الدعوى.   1 - الصفة العادية: الصفة العادية أو الموضوعية بأن ترفع الدعوى من ذي صفة ضد ذي صفة ،...

أحكام عامة في فسخ الزواج

      في كافة التشريعات العربية حرص المشرع على أن يضع فروق جوهرية في نصوص قانون الأحوال الشخصية تفصل بين الطلاق و فسخ عقد الزواج، فحدد المشرع الطلاق و الفسخ تحديداً تشريعياً صريحاً و لم يترك المجال لاجتهاد القضاة لاستنتاج حالة فرقة الزواج دون نص واضح.   لذلك نصت المادة 99 من القانون الكويتي رقم 51 لسنة 1984   بشأن الأحوال الشخصية على: " فسخ الزواج هو نقض عقده، عند عدم لزومه، او حيث يمتنع بقاؤه شرعاً ، وهو لا ينقص عدد الطلقات."   و قد عرفت المادة فسخ الزواج بأنه نقض عقده بما يؤدي إليه من إزالة ما يترتب عليه من أحكام فينقطع به ما بين الرجل و المرأة من الصلة الزوجية في الحال دون استناد إلى الماضي. و يحدد النص الآنف ذكره الفسخ في حالتين الأولى هي عند عدم توافر لزوم العقد من الأصل كما في حالة خيار الولي إذا تزوجت المرأة بغير كفء و الحالة الثانية هي حيث يطرأ على العقد سبب يمنع استمرار الزواج وذلك كما في حالة ارتداد الزوج المسلم، أو رفض الزوج الإسلام بعد إسلام زوجته أو رفض الزوجة غير الكتابية الإسلام أو الدخول في دين سماوي بعد إسلام زوجها. و فسخ ال...

مسائل عامة في الإثبات: الواقعة محل الإثبات

  الواقعة محل الاثبات: يرد الاثبات على واقعة معينة تكون هي محل الاثبات، وعلى من يدعي توافرها إقامة الدليل على ذلك، و محل الاثبات قد ينشأ عن تصرف قانوني كالتسليم في عقد البيع ، فتكون الواقعة  محل الاثبات هي الوفاء بهذا الالتزام الناشئ عن العقد مما يوجب على طرفي العقد إقامة الدليل على تسليم المبيع ، حيث يتوجب على كلا الطرفين الالتزام بعقد البيع و تنفيذ أحكامه، فلا تبرأ ذمة كل منهما إلا إذا قدم الدليل على انه قد قام بتنفيذ ما التزم به طبقاً لقواعد الاثبات المتعلقة بالتصرفات القانونية. و من المقرر في قضاء محكمة التمييز الكويتية: "   أن الالتزام ذاته لا يكون محلا للإثبات بل هو يستخلص من مصدره و هو الواقعة القانونية التي تكون محلا للإثبات ، فمن ثم كان علي من يدعي قيام الكفالة التجارية أن يثبت مصدر الالتزام بها و هو عقد الكفالة . و كان قيام الكفالة أو نفيها من سائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ، و حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها في هذا الخصوص ، و أن تقيم قضاءها علي أسباب سائغة تكفي لحمله." (طعن رقم 236 لسنة 1985 تجاري – جلسة 2/7/1986) و قد يكون م...

الدعوى العمالية في قانون العمل الكويتي

    أقر المشرع الكويتي وسيلة لرفع الدعوى العمالية حيث نصت المادة 146 من القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي على: " يجب أن يسبق الدعوى طلب يتقدم به العامل أو المستحقون عنه إلي إدارة العمل المختصة وتقوم الإدارة باستدعاء طرفي النزاع أو من يمثلهما ، وإذا لم توفق الإدارة إلي تسوية النزاع وديا تعين عليها خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب إحالته إلي المحكمة الكلية للفصل فيه . وتكون الإحالة بمذكرة تتضمن ملخصا للنزاع ودفوع الطرفين وملاحظات الإدارة."   كما نصت المادة 144 من ذات القانون على انه: " لا تسمع عند الإنكار – بمضي سنة من تاريخ انتهاء عقد العمل الدعاوى التي يرفعها العمال استنادا إلي   أحكام هذا القانون، ويسري علي الإنكار   أحكام الفقرة 2 من المادة 442   من القانون المدني وتعفي الدعاوى التي يرفعها العمال أو المستحقون عنهم من الرسوم القضائية ومع ذلك يجوز للمحكمة عند رفض الدعاوى أن تحكم علي رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها وتنظر الدعاوى العمالية علي وجه الاستعجال."   و يستفاد من هذه النصوص أن الدعوى العمالية ترفع بطلب يقدمه العامل...

تعريف فسخ العقد و شروطه

        فسخ العقد الاتفاقي   تعريف فسخ العقد: نصت المادة 157 من القانون المدني المصري و المقابل لها المادة 209 من القانون المدني الكويتي على: (١) في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد اعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض . (٢) ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك، كما يجوز له أن رفض الفسخ إذا كان ما لم يرف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته." و المستفاد من نص هذه المادة وفقاً لشرح الفقهاء ان فسخ العقد هو حل الرابطة العقدية في عقد ملزم لجانبين صحيح و قائم وساري وذلك جزاء و بسبب اخلال أحد اطرافه بالتزاماته الناشئة عنه و ذلك للشروط العشرة الآتي سردها: شروط الحكم بفسخ العقد: 1 – أن يكون العقد المطلوب فسخه ملزم للطرفين فلا يسري على عقود ملزمة لجانب واحد كالوديعة و الكفالة و الوصية و الهبه و الوكالة و الإقرار ، فالإقرار هو تصرف قانوني كاشف بالإرادة المنفردة وهو حجة على المقر فلا يرد عليه الفسخ الذي لا يكون إلا في الع...

الدعاوى الوقائية في قانون المرافعات المدنية و التجارية

          أجاز القانون قبول الدعوى في حالات معينة تبدو المصلحة فيها غير قائمة و هي حالة ما يسمى بالدعاوى الوقائية.   و يقصد بهذه الدعاوى هي التي يطلب فيها المدعي من المحكمة أن تفصل في مسألة صحة أو مضمون مركز قانوني معين دون أن يكون ثمة ضرر حال قد حاق بالمدعي و لكن من المحتمل وقوعه.   و الدعاوى الوقائية هي تمثيل للمصلحة المحتملة هذه المصلحة التي ذكرتها المادة الثالثة   من قانون المرافعات المدنية و التجارية المصري و التي نصت على: " لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون. (١) ومع ذلك تكفى المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه. وتقضى المحكمة من تلقاء نفسها، في أي حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين. ويجوز للمحكمة عند الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أن تحكم على المدعى بغرامة إجرائية لا...

تعريف الطلاق و وقوعه من غير الزوج

  عرفت العديد من التشريعات العربية الطلاق بأنه حل عقدة الزواج الصحيح بإرادة الزوج أو من يقوم مقامه بالصيغة الموضوعة له شرعاً. و الطلاق لا يكون إلا في زواج صحيح ذلك أن رابطة الزوجية لا تثبت بالزواج غير الصحيح، فالزواج الفاسد لا طلاق فيه و إنما يفرق القاضي فيه بين الطرفين إن لم يتفارقا من أنفسهما و ذلك لأن استمرار هذا الزواج الفاسد و تمسك كلا الطرفين به جريمة حرام شرعاً يجب الحيلولة دون استمرارها. و ترتيباً على ذلك فإن ما يسري على الزواج الفاسد هو فسخ عقد الزواج حتى و إن استوفى شروط انعقاده.   و يقع الطلاق إما بإرادة الزوج أو من يقوم مقامه، و حتى يقع الطلاق من الزوج وقوعاً صحيحاً و ينتج آثاره يجب ان يكون الطلاق ناتج عن إرادة حرة فإذا ثبت أن إرادة الزوج عند إيقاعه للطلاق قد شابهها عيب من عيوب الرضا كالإكراه أو الغلط أو التدليس فلا يقع الطلاق. و إذ كان الأصل أن سلطة الطلاق بيد الزوج إلا ان المشرع المصري و الكويتي و الإماراتي قد أقروا السماح بأن تكون سلطة الطلاق للغير إما باختيار الزوج و إرادته كالوكيل، و اما رغماً عنه عندما يكون صدر عن الزوج ظلم أو مضارة حيث يمنح المشرع ...

المصلحة كشرط لقبول الدعوى القضائية

    يشترط لقبول الدعوى القضائية أن تكون هناك مصلحة يسعى إليها المدعى من جراء تقدمه بالطلب القضائي فإذا عُرض الطلب على القاضي فإن هذا القاضي يبحث مسألتين الأولى هي: هل الطلب مقبول؟ و المسألة الثانية: هل الطلب مؤسس تأسيساً صحيحاً أي يتضمن من الأدلة و المستندات ما يؤدي إلى الحكم للطالب بما طلبه؟ و من الطبيعي ان بحث مسألة القبول يسبق بحث مسألة الحكم في موضوع الطلب. فإذا كان الطلب غير مقبول لعدم استيفاء شروط القبول (التي سنذكرها في مقالات لاحقة ولكن أهم هذه الشروط هي المصلحة) فإن القاضي يعلن عدم قبول الطلب. و إذا توافرت شروط القبول انتقل القاضي إلى بحث مسألة وجود الحق الموضوعي أو عدم وجوده، و يكون حكم القاضي في الموضوع حكماً قطعياً له حجية و يستنفد القاضي سلطته بإصداره. و حيث ان شرط المصلحة هو أحد الشروط الجوهرية لقبول الدعوى فإننا لا نجد محيصاً إلا ان نتطرق له ونتناوله بالتفصيل على النحو الآتي بيانه: تعريف المصلحة و ضرورة استمرارها: تنزيهاً لساحات القضاء عن العبث، و توفيراً لوقت وجهد القضاء، و سداً لباب الدعاوى الكيدية نص المشرع المصري في المادة الثالثة من قانون المرافعا...

أنواع الطلاق في قانون الأحوال الشخصية

      تناولت التشريعات العربية أنواع الطلاق فقد نصت المادة 98 من القانون الكويتي على: أ – الطلاق نوعان: رجعي و بائن.   ب – الطلاق الرجعي لا يزيل الزوجية قبل مضي العدة. جـ - الطلاق البائن يزيل الزوجية في الحال. وهذا التقسيم لأنواع الطلاق ورد في جميع التشريعات العربية سواء من اتبعت منها مذهب المالكية او الحنفية.   الطلاق الرجعي في ضوء القاعدة القانونية لا يزيل الزوجية إلا بعد انقضاء العدة منه، فهذا الطلاق لا يزيل شيئاً من آثار الزوجية حال وقوعه بل تبقى الزوجية قائمة ويستمر حل الاستمتاع بين الزوجين كما لا يستحق بوقوعه أجل الصداق، ولو مات أحد الزوجين خلال العدة ورثه الأخر ، و للزوج في هذا النوع من الطلاق ان يرجع عنه خلال فترة العدة و إن لم ترضى الزوجة، و بالمراجعة تنقطع العدة ولا يبقى للطلاق من تأثير سوى نقص عدد الطلقات الثلاث التي يملكها الرجل على زوجته، و تتم المراجعة بدون عقد جديد و دون اشتراط موافقة الزوجة، فإذا لم تراجع حتى انقضت عدتها انتهت الزوجية و تحول الطلاق الرجعي إلى طلاق بائن. و قد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على: " المقرر في فقه الح...

أركان جريمة الفعل الفاضح العلني

      تنص المادة 278 من قانون العقوبات المصري على: "كل من فعل علانية فعل فاضح مخل بالحياء، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه" كما تنص المادة 198 من قانون الجزاء الكويتي على: "من أتي إشارة أو فعلاً مخلاً بالحياء في مكان عام بحيث يراه أو يسمعه من كان في مكان عام ، أو تشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين" و من الجلي ان الهدف من تجريم الفعل الفاضح هو حماية الشعور العام بالحياء لدى المجتمع و الذي يتأذى من إتيان أفعال ذات دلالات جنسية بصورة علنية، علاوة على ذلك فالمشرع يسعى إلى تثبيت الفضيلة و الأخلاق و الحفاظ على نقاء الأماكن العامة من تلك الأفعال. و لهذه الجريمة ثلاث أركان هم: 1 – الركن المادي و يتمثل في ارتكاب فعل مخل بالحياء العام. 2 – العلانية. 3 – القصد الجنائي. فلا تتحقق الجريمة إلا بتوافر الثلاثة أركان مجتمعة وهو ما أكدته محكمة النقض المصرية في أحكامها حيث انه من المقرر في قضاء محكمة النقض : " أن جريمة الفعل الفاضح العلنى ع...