أجاز
القانون قبول الدعوى في حالات معينة تبدو المصلحة فيها غير قائمة و هي حالة ما
يسمى بالدعاوى الوقائية. و يقصد بهذه
الدعاوى هي التي يطلب فيها المدعي من المحكمة أن تفصل في مسألة صحة أو مضمون مركز
قانوني معين دون أن يكون ثمة ضرر حال قد حاق بالمدعي و لكن من المحتمل وقوعه.
و الدعاوى الوقائية هي تمثيل
للمصلحة المحتملة هذه المصلحة التي ذكرتها المادة الثالثة من قانون المرافعات المدنية و التجارية المصري و
التي نصت على:
"
لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أي
قانون آخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون. (١)
ومع
ذلك تكفى المصلحة المحتملة
إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال
دليله عند النزاع فيه.
وتقضى
المحكمة من تلقاء نفسها، في أي حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم
توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين.
ويجوز
للمحكمة عند الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أن تحكم على المدعى
بغرامة إجرائية لا تزيد عن خمسمائة جنيه إذا تبينت أن المدعى قد أساء استعمال حقه
في التقاضي."
كما
نصت المادة الثانية من قانون المرافعات المدنية و التجارية الكويتي على :
"
لا يقبل أي طلب او دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون ، ومع ذلك
تكفي المصلحة المحتملة اذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق او
الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه."
و
يمكن رد حالات المصلحة المحتملة إلى فكرتين الأولى هي دعاوى الأدلة و الثانية هي الدعاوى
الوقائية و إن كان يجمعهما مصطلح الدعاوى الوقائية بالمعنى الواسع.
دعاوى
الأدلة التي تستند إلى مصلحة محتملة و تطبيقاتها:
تستهدف
هذه الدعاوى إما إعداد دليل غير موجود بحيث يمكن استخدامه مستقبلاً و إما المحافظة
على دليل موجود فعلاً ، و إما هدم دليل موجود لدى الغير و يخشى ان يحتج به
مستقبلاً. و قد عبر المشرع عن هذه الدعاوى بعبارة "الاستيثاق لحق يخشى زوال
دليله عند النزاع فيه"
و
دعاوى إعداد الدليل تنطوي على صورتين هما دعوى إثبات الحالة، و دعوى سماع الشاهد.
دعوى
إثبات الحالة:
تستهدف
هذه الدعوى إعداد الدليل و تهيئته لاستخدامه بمناسبة منازعة يحتمل حدوثها. و تتعلق
هذه الدعوى بواقعة يخشى حدوث تطورات سريعة فيها بمرور الزمان تؤدي إلى تغيرها، و
عدم إمكان إثباتها مستقبلاً، كإثبات حالة بضائع تالفة لا يمكن الاحتفاظ بها هكذا.
و قد أجاز المشرع المصري و الكويتي قبول هذه الدعوى بنص صريح في قانون الاثبات في
المواد المدنية و التجارية حيث أجاز لمن يخشى معالم واقعة يحتمل أن تصبح محل نزاع
أمام القضاء أن يطلب في مواجهة ذوي الشأن و بالطرق المعتادة من قاضي الأمور
المستعجلة الانتقال للمعاينة. و يجوز لقاضي الأمور المستعجلة في هذه الحالة ندب
أحد الخبراء للمعاينة و سماع الشهور بغير يمين. و يتضح من ذلك أن القصد من هذه
الدعوى اتخاذ إجراءات وقتية و تحفظية صرفه لا تتعدى المساس بأصل الحق. لذاك فحكم
إثبات الحالة مجرد دليل مهيئ لإثبات الدعوى قبل الطرف الآخر أو لنفي دعوى ذلك
الطرف قبله.
و
يجب على قاضي الأمور المستعجلة أن يحدد جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقرير
الخبير و أعماله. و إذا لم يتضمن حكم إثبات الحالة تهيئة الدليل على النحو الذي
أراده المدعي جاز له أن يطعن في هذا الحكم أمام المحكمة المختصة لكي تتلافي أوجه
القصور في تهيئة الدليل.
و من المقرر في قضاء محكمة التمييز الكويتية:
"أن غاية القصد بدعوى إثبات
الحالة- حسبما تفيده المادتان 71، 72 من قانون الإثبات في المواد المدنية
والتجارية- اتخاذ إجراء وقتي من الإجراءات التحفظية الصرفة إذ يلتمس رافعها من
القضاء المستعجل إثبات وقائع معينة يخشى زوال دليلها إذا ما اختلفت ظروف الحال، أو
تأكيد معالم قائمة يمكن أن تتغير بمرور الزمن عليها طال أم قصر فتضيع منها كل أو
بعض الحال الكائنة فيها، ولا يتعدى الإجراء الذي يصدر في الدعوى إلى المساس بأصل
الحق الذي تنعقد ولاية الفصل فيه لمحكمة الموضوع وحدها لدي طرح النزاع عليها،
وعندئذ يكون لكل ذي شأن الاستناد أمامها إلى حكم إثبات الحالة وإجراءاته كمجرد
دليل مهيأ لإثبات دعواه قبل الطرف الآخر أو لنفي دعوى ذلك الطرف قبله، ومن ثم فإن
مناط قبول الطعن في الحكم في دعوى إثبات الحالة هو ما إذا كان الدليل قد تم تهيئته
بالفعل أم لا، فإذا كان الدليل قد هيئ في الدعوى فتكون قد بلغت دعوى إثبات الحالة
منتهاها وأصبح لا مصلحة للطاعن في رفع الطعن باعتبار أن الحكم الصادر فيها لا
يتضمن قضاءً موضوعياً ضد أحد الخصوم، أما إذا كان الدليل لم يتم تهيئته في الدعوى
جاز لرافع دعوى إثبات الحالة الطعن في هذا الحكم طالباً من المحكمة المرفوع إليها
الطعن استكمال تهيئة هذا الدليل الذي يخشى زواله إذا ما اختلفت ظروف الحال وتلافي
القصور في تهيئة الدليل باعتبار أن دعوى إثبات الحالة لم تبلغ منتهاها في هذه
الحالة بعد، ويكون الطعن في الحكم في هذه الحالة جائزاً دون أن يجاوز الطعن هذا
النطاق، فلا يجوز النعي على الحكم بأوجه نعي موضوعية الأمر المتروك لمحكمة الموضوع
عند نظر دعوى أصل الحق."
(طعن بالتمييز رقم 385
لسنة 2001 تجاري – جلسة 26/1/2004)
دعوى سماع الشاهد:
و هي دعوى يرفعها من يخشى فوات
فرصة الاستشهاد بشاهد على موضوع لم يعرض بعد أمام القضاء و يحتمل عرضه عليه، و ذلك
في أن يطلب في مواجهة ذوي الشأن سماع ذلك الشاهد، و يقدم هذا الطلب بالطرق المعتادة
إلى قاضي الأمور المستعجلة، الذي يحكم بسماع الشاهد متى كانت الواقعة مما يجوز
إثباته بشهادة الشهود .
فدعوى سماع الشاهد تُقبل مع انها
ترمي فقط لأعداد الدليل أو الحفاظ على دليل من المحتمل تقديمه في دعوى لم تُرفع
بعد . فهي دعوى وقتية من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة – يبدو الاستعجال فيها في
خطر ضياع الدليل ، و هي دعوى وقائية لأنها تؤدي إلى تفادي وقوع هذا الخطر ،
بالمحافظة على الدليل ، كذلك فإن قبولها يستند إلى المصلحة المحتملة.
و لكن ينبغي لقبول هذه الدعوى أن
تكون الواقعة موضوع الشهادة لم تعرض بعد على القضاء و يحتمل عرضها عليه و تكون مما
يجوز اثباته بشهادة الشهود، كذلك ينبغي ان يستشعر القاضي وجه الضرورة في الطلب،
بأن يخشى فوات فرصة الاستشهاد بشاهد عند نظر دعوى الموضوع، كما لو كان الشاهد مريضاً
بمرض خطير أو على وشك سفر أو الانتقال إلى مكان غير معلوم أو غير مأمون أيضا ينبغي
ان يكون هناك احتمال لوجود الحق.
و تنظر هذه الدعوى الأصلية بسماع
شاهد في جلسة عادية علنية ، فيحضرها رافع الدعوى و ذوي الشأن، و يثبت قاضي الأمور
المستعجلة شهادة الشاهد بمحضر التحقيق، و يحفظ المحضر في المحكمة، و لا يقدم إلى
محكمة الموضوع عند نظرها موضوع الدعوى إلا إذا رأت محكمة الموضوع جواز إثبات
الواقعة بشهادة الشهود، و عندئذ يكون للخصم الآخر الاعتراض امام هذه المحكمة على
قبول هذا الدليل، كما يكون له طلب سماع شهود نفي لمصلحته.
دعوى المحافظة على الدليل ( دعوى
صحة التوقيع):
تفترض هذه الدعوى أن شخصاً ما
يحوز ورقة عرفية تشهد على شخص آخر كتب هذه الورقة بخطه، أو كتبت بخط غيره و لكن له
إمضاء أو ختم أو بصمة عليها بأن الأخير ملتزم في مواجهة حائز الورقة بالتزام ما (سند
مديونية عرفي) و أن هذا الالتزام لم يحل أجله بعد و يخشى حائز الورقة أن ينكر
المدين فيها توقيعه أو خطه عند مطالبته مستقبلاً بالدين في موعده، فيبادر إلى رفع
دعوى بصحة التوقيع دون وجود منازعة حالة و يطلب من القاضي أن يحكم في الحال بوجود
و نطاق مركزه القانوني أي بإعطاء الورقة قوة إثبات توقياً لإنكار من صدرت منه
الورقة العرفية مستقبلاً.
و قد اتجه القضاء إلى قبول هذه
الدعوى استناداً إلى أن حالة عدم اليقين التي تشوب وجود الحق هي تهديد يشل مباشرة
هذا الحق ، و يكون لصاحب الحق مصلحة قائمة و حالة في ان يطلب من القاضي ان يزيل
الشك و يحقق له اليقين.
و يأخذ حكم الاعتراف بالورقة حضور
المدعى عليه و سكوته و عدم انكاره و عدم نسبه الورقة لشخص آخر أو عدم حضوره في
الجلسة. أمام إذا حضر المدعى عليه و أنكر الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة فيجري
التحقيق طبقاً للقواعد العامة. و يختص بهذه الدعوى محكمة الموضوع و ليس قاضي الأمور
المستعجلة.
ومن المستقر عليه في قضاء محكمة
النقض المصرية:
"أن دعوى صحة التوقيع ليست
سوى دعوى تحفظية شرعت ليطمئن من بيده سند عرفى على آخر إلى أن الموقع
على ذلك المحرر لن يستطيع بعد صدور الحكم بصحة توقيعه أن ينازع في صحته
ويمتنع على القاضى فيها أن يتعرض للتصرف المدون في السند من جهة صحته وبطلانه
ووجوده وانعدامه أو زواله ونفاذه أو توقفه وتقرير الحقوق المترتبة عليه ، وتقتصر
حجية الحكم الصادر فيها على صحة التوقيع الموقع به على الورقة ولا
يتعدى أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن العقد ."
(طعن
بالنقض رقم 2298 لسنة 75 ق مدني – جلسة 6/11/2018)
دعوى
هدم الدليل – دعوى التزوير الأصلية:
و
في هذه الدعوى يعلم فيها شخص ان بيد آخر محرر مزور، سواء كان رسمياً أو عرفياً، و
يخشى الاحتجاج عليه بهذا المحرر، فيبادر برفع دعوى أصلية بالتزوير، دون انتظار
دعوى الحق، و ذلك تفادياً لاحتجاج خصمه عليه بهذا المحرر مستقبلاً و تحقيقاً للاستقرار
الذي يهدده هذا المحرر المزور. فهذه الدعوى هي تقريرية سلبية ترمي إلى نفي حق
المدعى عليه في الاثبات بالمحرر الذي يحوزه. و هي دعوى وقائية ترمي إلى الوقاية من
ضرر محتمل هو التمسك ضده بالمحرر المزور ، وذلك عن طريق ما تحققه من يقين قانوني،
إذ يؤدي الحكم بتزوير المحرر إلى عدم جواز الاحتجاج به في دعوى الحق.
و
المدعي في دعوى التزوير الأصلية هو من يخشى الاحتجاج عليه بالورقة المزورة و يرفع
الدعوى بالإجراءات العادية أمام المحكمة المختصة وفقاً للقواعد العامة، و المدعى
عليه في هذه الدعوى هو من بيده المحرر أو من يتمسك به مع ضرورة اختصام جميع
الأشخاص الذين يستفيدون من المحرر و إلا كانت الدعوى غير مقبولة ذلك انه إذا صدر
حكم بتزوير المحرر فإنه يحتج به بالنسبة لجميع هؤلاء فقبول الادعاء بالتزوير دون
اختصام جميع أطراف المحرر يُمكن سيئ النية من افتعال خصومة صورية ترمي فقط إلى
تقرير تزوير المحرر إضراراً بهؤلاء.
و
الحكم يصدر في دعوى التزوير الأصلية بعد إجراءات إيداع المحرر و القيام بالتحقيق
في ادعاء التزوير و بالمضاهاة، و يكون حائزاً لحجية الامر المقضي به خارج الخصومة
التي صدر فيها، لأنه يصدر في خصومة يمثل فيها جميع أطراف المحرر و لكن هذه الحجية
تتعلق بالمحرر، فالحكم لا قيمة له بالنسبة لصحة أو بطلان التصرف الذي تتضمنه
الورقة.
وتناولت
محكمة النقض المصرية دعوى التزوير الأصلية في أحكامها على النحو الآتي:
"
أن دعوى التزوير الأصلية طبقاً لنص المادة ٥٩ من قانون
الإثبات ـــ وعلی ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـــ قد شُرِعَت لمن يخشى الاحتجاج
عليه بمحرر مزور، إذ يجوز له عندئذ أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيد منه
لسماع الحكم بتزويره، ويكون ذلك بدعوى أصلية بالأوضاع المعتادة، حتى إذا حُكم
له بذلك أمن عدم الاحتجاج عليه بهذه الورقة في نزاع مستقبل، وأن مناط الالتجاء إلى
هذه الدعوى ألا يكون قد احتج بالورقة المدعى بتزويرها في دعوى ينظرها
القضاء، وإلا تعين على مدعي التزوير التقرير به في قلم الكتاب طبقاً
للإجراءات التي رسمها قانون الإثبات رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٨ في المواد من ٤٩ إلى ٥٨ منه
باعتبار أن الادعاء بالتزوير في هذه الحالة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في
موضوع تلك الدعوى فلا يكون لغير المحكمة التي تنظر هذا الموضوع أن تنظره، ومؤدى
ذلك أن طريق دعوى التزوير الأصلية يظل مفتوحاً لمن يخشى
الاحتجاج عليه بمحرر مزور ضد من بيده ذلك المحرر طالما أن هذا الأخير لم يُحتج به
عليه في دعوی موضوعية طُرِحَت أمام القضاء وأقامت قضاءها في موضوع الدعوى سواء
بالقبول أو الرفض وكان حكمها مبنياً على الورقة، وأما إذا كان المحرر المزور قد
قُدِّمَ للمحكمة إلا أنها لم تفصل في أمر صحته أو تزويره لتنازل المتمسك به عن
الاحتجاج به في مواجهة المنسوب إليه الورقة أو حصول عارض من عوارض الخصومة يمنع من
الحكم في الدعوى، فإن ذلك لا يمنع من قبول دعوى التزوير الأصلية طالما
لم يُفصل في الــتــزويـــر فـــي الـــدعــــوى الـــســـابـــقــــة صراحةً أو
ضمناً"
(طعن
بالنقض رقم 6546 لسنة 72 ق مدني – جلسة 24/10/2020)
و
من المقرر في قضاء محكمة التمييز الكويتية:
" أن مفاد المادة 38 من
قانون الإثبات أن مناط الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية ألا يكون قد احتج
بالورقة المدعى بتزويرها في دعوى ينظرها القضاء، أما إذا احتج بالورقة في دعوى
منظورة فيتعين للادعاء بتزويرها اتباع الطريق الذي رسمه قانون الإثبات في المواد
من 32 إلى 36 منه بدعوى تزوير فرعية، ذلك أن الادعاء بالتزوير في هذه الحالة لا يعدو
أن يكون وسيلة دفاع في موضوع تلك الدعوى فلا يكون لغير المحكمة المطروحة عليها أن
تنظره ويجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة
الاستئناف."
( طعن بالتمييز رقم 194
لسنة 2022 مدني – جلسة 1/12/2003)
الدعاوى
الوقائية غير دعاوى الأدلة:
تعتبر
الدعاوى السابقة دعاوى وقائية و لكن هناك دعاوى وقائية أخرى عبر عنها المشرع
بعبارة الاحتياط لدفع ضرر محدق و مثالها دعوى الإلزام في المستقبل و تعني هذه
الدعوى المطالبة بحق لم يحل أجل الوفاء به في عقد من العقود المستمرة (كعقد
الإيجار) إذا لم يقم المدين بالوفاء بما حل من التزام.
و يصدر
الحكم بإلزام المدين بدفع الأقساط المتأخرة و التي سوف تستحق مستقبلاً و بشرط عدم
تنفيذ الحكم بالنسبة للالتزام الذي لم يحل أجله إلا بعد حلوله فعلاً حتى يكون الحق
محقق الوجود و حال الأداء عند التنفيذ. و من تطبيقات فكرة الاحتياط لدفع ضرر محدق
أيضاً دعوى وقف الأعمال الجديدة، و دعوى قطع النزاع و الدعوى التقريرية.
دعوى وقف
الأعمال الجديدة:
و صورة
هذه الدعوى أن يحوز الشخص عقاراً كبناء به مطلات و يشرع آخر في القيام بأعمال من
شأنها لو تمت أن تهدد حيازته للمطل.
و قد نص
القانون المدني على ان من حاز عقاراً و استمر حائزاً له ثلاث سنوات و يخشى لأسباب
معقولة التعرض له من جراء اعمال جديدة تهدد حيازته كان له أن يرفع الأمر إلى
القاضي طالباً وقف هذه الأعمال، بشرط ألا تكون قد تمت و لم تنقض ثلاث سنوات على
البدء في العمل الذي يكون من شأنه ان يحدث الضرر . و يؤسس قبول هذه الدعوى
استناداً إلى المادة الثالثة من قانون المرافعات المصري و المادة الثانية من ذات
القانون الكويتي و التي تسمح بقبول الدعاوى في حالة الاحتياط لدفع ضرر محدق.
دعوى قطع
النزاع:
يقصد
بهذه الدعوى ، الدعوى التي يرفعها الشخص ضد آخر لأن الأخير يثير مزاعم من شأنها
الاضرار بمركزه المالي أو بسمعته. فيطلب المدعي حضور المدعى عليه أمام القضاء
ليقيم الدليل على صحة مزاعمه. فإذا عجز المدعى عليه عن الاثبات صدر حكم بأن ما
يدعيه لا أساس له و امتنع عليه مستقبلاً إقامة دعوى بشأن هذه المزاعم.
و يرى
قانون المرافعات المصري و الكويتي قبول هذه الدعوى لأن من تثار ضده مزاعم تسبب له
ضرراً يحتاج لحماية القضاء و لأنه لا يوجد عبء اثبات على المدعي لأن المدعى عليه
هو الذي يزعم خلاف الظاهر فيقع عليه هو عبء الاثبات. و قد اعتبر قانون المرافعات المدنية
و التجارية أن دعوى قطع النزاع من تطبيقات حالة الاحتياط لدفع ضرر محدق.
و لكنه
اشترط لقبولها شرطان الأول هو ان تكون المزاعم محددة و ليست مجرد مزاعم فارغة ليس
أثر يعتد به أي لا تتسم بالجدية فإذا كانت المزاعم لا تسبب ضرراً فعالاً للمدعي
مادياً كان أو أدبياً لا تكون المزاعم جديدة و الشرط الثاني هو أن تكون المزاعم
علنية حتى يتحقق الضرر بمن أثيرت المزاعم ضده (المدعي) و يكون تحفزه على المطالبة
بدفع الضرر المحدق مقبولاً.
و تطبيقاً
لذلك قضت محكمة النقض المصرية:
"الدعاوى
الوقائية ( الدعوى المقامة بناء على مصلحة محتملة ) ، ويندرج تحتها دعوى قطع النزاع تلك
التي بمقتضاها – وطبقًا لما ورد بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات السابق –
يجوز لمن يريد وقف مسلك تهديدي أن يكلف خصمه الذى يحاول بمزاعمه الإضرار بمركزه
المالي أو بسمعته الحضور لإقامة الدليل على صحة زعمه ، فإن عجز حُكِمَ عليه بفساد
ما يدعيه وحُرِم من رفع الدعوى فيما بعد ، على أنه يجب ألا تكون هذه المزاعم مجرد
تخرصات فارغة ؛ وإلا كانت الدعوى غير مقبولة ، على أن تقدير جدية هذه المزاعم
والادعاءات وضررها وما إذا كانت تشكل تعرضًا لحقوق المدعى ومركزه القانوني أم لا ،
هو مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضى الموضوع ، إلا أنه يتعين عليه أن يقيم
قضاءه في هذا الشأن على أسباب سائغة تكفى لحمل" .
(طعن
بالنقض رقم 11818 لسنة 75 ق تجاري– جلسة 23/5/2017
)
الدعوى
التقريرية :
و هي
الدعوى التي تستهدف الحصول من القاضي على تقرير وجود الحق أو مركز قانوني أو
إنكاره أو شرعية أو عدم شرعية عمل أو تصرف. ومثال ذلك دعوى صحة عقد او دعوى براءة
الذمة أو دعوى بطلان العقد أو دعوى ثبوت نسب أو اثبات جنسية.
و
المصلحة هنا هي مصلحة في الاستقرار بحيث يرتب المدعي أوضاعه مستقبلاً على أساس
الحكم التقريري مما يؤدي إلى اليقين و الاستقرار .
تعليقات
إرسال تعليق