أقر
المشرع الكويتي وسيلة لرفع الدعوى العمالية حيث نصت المادة 146 من القانون رقم 6
لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي على:
"
يجب أن يسبق الدعوى طلب يتقدم به العامل أو المستحقون عنه إلي إدارة
العمل المختصة وتقوم الإدارة باستدعاء طرفي النزاع أو من يمثلهما ، وإذا لم توفق
الإدارة إلي تسوية النزاع وديا تعين عليها خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب إحالته
إلي المحكمة الكلية للفصل فيه.وتكون
الإحالة بمذكرة تتضمن ملخصا للنزاع ودفوع الطرفين وملاحظات الإدارة."
كما نصت المادة 144 من ذات
القانون على انه:
" لا تسمع عند الإنكار –
بمضي سنة من تاريخ انتهاء عقد العمل الدعاوى التي يرفعها العمال استنادا إلي أحكام هذا القانون، ويسري علي الإنكار أحكام الفقرة 2 من المادة 442 من القانون المدني وتعفي الدعاوى التي يرفعها
العمال أو المستحقون عنهم من الرسوم القضائية ومع ذلك يجوز للمحكمة عند رفض
الدعاوى أن تحكم علي رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها وتنظر الدعاوى العمالية علي
وجه الاستعجال."
و يستفاد من هذه النصوص أن الدعوى
العمالية ترفع بطلب يقدمه العامل أو المستحقون عنه في حالة وفاته إلى إدارة العمل
يوضح فيه المنازعة بينه و بين رب العمل على وجه الدقة مثال ذلك أن يحدد العامل
حقوقه العمالية على نحو دقيق فيطلب حقه في
مكافأة نهاية الخدمة و بدل رصيد الاجازات و بدل الإخطار و غيرها من الحقوق التي
يجب ان يذكرها في الطلب فإذا لم يذكر احدى هذه الحقوق في طلبه المُقدم إلى إدارة
العمل سقط عنه الحق في طلبه الذي غفل عنه أمام القضاء.
و بمجرد تقديم العامل لهذا الطلب تعتبر
الدعوى مرفوعة ويترتب على ذلك بذاته كافة الآثار التي تترتب على إيداع صحيفة
الدعوى العادية إدارة الكتاب. و هذا الطلب لم يرسم المشرع الكويتي طريقاً معيناً
يتوجب على العامل سلوكه عند تقديمه فيصح أن يقدمه العامل بنفسه أو بوكيل عنه، كما
لم يشترط المشرع فيه صيغة معينة أو ان يتضمن بيانات محددة فيكفي ان يكشف الطلب عن
هدف العامل في اقتضاء حقوقه من صاحب العمل على نحو جازم.
و يتعين على إدارة العمل المختصة
عند تقديم الطلب إليها أن تسعى جاهدة لتسوية النزاع و هي مناط بها ان تستدعي
الأطراف و تسمع الشهود و تكلف الخصوم بتقديم ما لديهم من أوراق و مستندات حتى يتم
تسوية النزاع المعروض عليها، فإذا ما نجحت في ذلك انتهى النزاع و إذا فشلت جهودها
في الوصول إلى تسوية بين الطرفين أحالت النزاع إلى المحكمة الكلية خلال شهر من
تاريخ تقديم الطلب إليها و تتضمن الإحالة مذكرة تشمل الإحاطة بتاريخ تقديم الطلب و
ملخص موجز عن النزاع و الحقوق العمالية التي يطالب بها العامل على وجه التحديد.
و مؤدى ذلك أنه إذا رفع العامل أو
أحد المستحقين دعواه مباشرة دون اتباع الطريق الذي رسمه القانون لاقتضاء حقوقه
فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى و تقضي المحكمة بذلك ولو من تلقاء نفسها لتعلق
الأمر بالنظام العام.
و في هذا المقام استقر قضاء محكمة
التمييز على:
" ان مفاد نص المادة 96 من
قانون العمل في القطاع الأهلي أن الطلب الذي يقدمه العامل إلى إدارة العمل
للمطالبة بحقوقه العمالية هو الإجراء الذي تبدأ به المطالبة القضائية في الدعوى
العمالية و الوسيلة القانونية لاتصال المحكمة بهذه الدعوى ومؤدى ذلك انه إذا رفع
العامل دعواه مباشرة دون اتباع الطريق الذي رسمه القانون لاقتضاء حقوقه فإنها لا
تنتج أثر في قطع التقادم و يعتبر التقادم الذي بدأ قبلها مستمراً في سريانه و
ينتفي بذلك موجب إعمال المادة 448 من القانون المدني التي تنص على انقطاع المدة
المقررة لعدم سماع الدعوى ولو رفعت الدعوى لمحكمة غير مختصة ، كما أنه من المقرر
أنه يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط وفقاً لنص المادة 448
سالفة الذكر أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه و لهذا لا
تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة للتقادم إلا في خصوص هذا الحق و ما
التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه فإن تغاير الحقان أو تغاير
مصدرهما فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً للتقادم بالنسبة للحق الآخر.
(طعن رقم 53 لسنة 2005 عمالي –
جلسة 18/9/2006)
كما انه من المقرر في قضاء محكمة
التمييز:
" أن مفاد نص المادة 146 من
قانون العمل في القطاع الأهلي الجديد - المقابلة لنص المادة 96 من قانون العمل
القديم رقم 38 لسنة 1969 - أن تقديم الشكوى العمالية إلى الإدارة المختصة بوزارة
الشئون الاجتماعية قبل رفع الدعوى العمالية هو إجراء وحيد ضروري ولازم وبه تبدأ
إجراءات رفع تلك الدعوى وأن ذلك من النظام العام لتعلقه بإجراءات التقاضي وحسن سير
العدالة . لما كان ذلك ، وكان الحكم الإبتدائي المؤيد في هذا الخصوص بالحكم
المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم ضرورة تقديم المطعون ضدها لشكوى
بطلب التعويض قبل رفع الدعوى الراهنة لكونها دعوى تعويض وليس بالمستحقات
العمالية مما يعيبه بالخطأ في تطبيق
القانون وتأويله ويوجب تمييزه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن."
(طعن رقم 640 لسنة 2012 عمالي –
جلسة 17/3/2014)
و من الجدير بالذكر أن المشرع
أعفى العمال من الرسوم القضائية و حث القضاة على نظر الدعوى على وجه السرعة.
و قضت محكمة التمييز في هذا
الشأن:
" أنه مع وجود القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام
القانون العام إلا فيما لم ينظمه القانون الخاص من أحكام وأنه وإن كان المشرع قد
نص في المادة 96/1 من القانون رقم 38 لسنة 1964 في شأن العمل في القطاع الأهلي على
إعفاء الدعاوي التي يرفعها العمال طبقا لأحكام هذا القانون من الرسوم إلا أنه نص
في عجزها على أن للمحكمة في حال رفض الدعوى أن تحكم على رافعها بالمصروفات كلها أو
بعضها ويدخل فيها مقابل أتعاب المحاماة. بما مؤداه أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم
بالمصاريف إلا في حالة رفض الدعوى. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى الماثلة أنه
قضى للطاعن ببعض طلباته أمام محكمة أول درجة ورغم خسرانه الاستئناف المقام منه
فإنه يكون قد كسب دعواه ولم يخسر ما قضي له به, ومن ثم لا يجوز للمحكمة أن تلزمه
بمصاريف استئنافه، إذا أن الرخصة التي خولها لها المشرع في ذلك مشروطة برفض
الدعوى. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن-العامل- بمصاريف
استئنافه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب تمييزه تمييزاً
جزئياً فيما قضى به من الزام الطاعن بمصاريف استئنافه رقم 496 لسنة 2010 عمالي."
( طعن بالتمييز رقم 175 لسنة 2011
عمالي – جلسة 30/5/2012)
إن القانون رقم 6 لسنة 2010 في
شأن العمل في القطاع الأهلي مميز كثيراً عن القانون القديم و أبرز ما يميز القانون
الجديد هو:
1 – حقوق ورثة العامل في الدعوى :
أن المادة 146 قطعت في أن وفاة العامل لا تنفي الطبيعة العمالية للدعوى التي
يرفعها خلفه العام على صاحب العمل للمطالبة بحقوقهم كورثة في مستحقات مورثهم
العمالية و من ثم يجب عليهم التقدم بطلب إلى إدارة العمل قبل اللجوء للمحكمة و
تختص الدائرة العمالية بنظر تلك الدعوى.
2 – توجيه يمين براءة الذمة عند
التقادم الحولي : ارتبطت المادة 144 بتطبيق أحكام المادة 442 من القانون المدني في
حالة تمسك صاحب العمل بسقوط دعوى العامل بالتقادم الحولي فأوجب على المحكمة أن
توجه يمين براءة الذمة لرب العمل ولو من تلقاء نفسها باعتبار أن الأخذ بالتقادم يقوم
على قرينة براءة الذمة وذلك على عكس القانون القديم حيث كان صاحب العمل يدفع بعدم
سماع الدعوى لرفعها بعد انقضاء سنة على انتهاء عقد العمل دون ثمة أي اجراء آخر
فتذهب حقوق العامل سدى ، كما ان أحياناً يصدر حكماً قضائياً باعتبار الدعوى
العمالية كأن لم تكن لسابقة شطبها أو وقفها جزاء فيصعب على العامل العود إلى إدارة
العمل و التقدم بشكوى جديدة فتكون قد مرت سنة على انتهاء عقد العمل مما يسبب ضياع
حقوق العامل لذلك أصبح الأمر في ظل التشريع الجديد بذمة صاحب العمل و ضميره وهو
موقف لا شك أفضل للعامل من ذي قبل .
و من
المهم بوجه خاص الإشارة إلى ان المادة الرابعة من القانون رقم 6 لسنة 2010 قد نصت
على أنه:
" تسري
أحكام هذا القانون علي القطاع النفطي فيما لم يرد بشأنه نص في قانون العمل في قطاع
الأعمال النفطية أو يكون النص في هذا القانون أكثر فائدة للعامل."
و حيث ان
قانون العمل في القطاع النفطي خلا من قواعد تنظيمية خاصة لإجراءات رفع الدعوى
العمالية فإن أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي الواردة في المواد 144،146،147
في هذا الخصوص تسري عليهم فلا يجوز لعمال القطاع النفطي أو مستحقيهم أن يقيموا
الدعوى العمالية إلا بعد التقدم بطلب إلى إدارة العمل المختصة لتسوية المنازعات
ودياً.
لا ضرورة
من توقيع محامي على صحيفة الدعوى العمالية التي يقيمها العامل.
لا مراء
من أن الدعوى العمالية إذا أقيمت من العامل بطلب إلى إدارة العمل طبقاً لنص المادة
144 من قانون العمل في القطاع الأهلي فإنه لا يلزم توقيع محامي على هذا الطلب حيث
أن المشرع لم يشترط في الطلب شكل معين كما لم يشترط أن يقدمه العامل بنفسه على
النحو الآنف ذكره و لكن في حالة إذا رفع صاحب العمل دعوى عمالية ضد العامل فإنها
تخضع للقاعدة العامة بشأن لزوم توقيع محامي على الصحيفة حيث نصت المادة 18 من قانون المحاماة على:
" فيما
عدا الدعاوي التي لا تزيد قيمتها علي خمسه الاف دينار تبطل صحيفه الدعوي او الطعن
او الالتماس اذا لم توقع من محام مقبول امام المحكمة التي ترفع اليها ولا يسري ذلك
علي ما ترفعه الحكومة منها"
و مفاد
هذا النص أن الدعوى العمالية التي يرفعها صاحب العمل على العامل إذا زادت قيمتها
عن 5,000 د.ك فإنه يتوجب توقيع صحيفتها من محامي مقبول أمام المحكمة الكلية، أما
إذا كانت لا تزيد عن هذا القدر فإنه لا يلزم لتوقيع المحامي على صحيفتها، فإذا لم
تكن مقدرة القيمة و كانت غير قابلة للتقدير فإن قيمتها تعتبر أكثر من 5,000 د.ك
تطبيقاً للمادة 44 من قانون المرافعات المدنية و التجارية و من ثم يلزم توقيع
صحيفتها من محامي مقبول أمام المحكمة.
و هناك
حالة استثنائية قد نتعرض لها وهي أن يقدم العامل طلب لاحق على رفع الدعوى العمالية
الخاصة به إلى إدارة العمل المختصة أي ان رفع الدعوى سبق طلب تسوية النزاع . و تكون
الدعوى في هذه الحالة رفعت بغير الطريق القانوني و يتعين على المحكمة عدم قبولها و
القول بغير ذلك فيه إهدار للغاية التي استهدفها المشرع من تقديم الطلب إلى إدارة
العمل وهو العمل على تسوية النزاع بين أطراف العلاقة العمالية بطريقة ودية، فضلاً
عن ذلك فإن الشكوى اللاحقة هي دعوى مستقلة بذاتها تستقيم وتنتج كافة الآثار
القانونية بمجرد تقديمها إلى إدارة العمل سواء انتهت بتسويتها ودياً او بإحالتها
إلى المحكمة أم الدعوى التي رفعها العامل بغير هذا الطريق فإنها لا تنتج أي أثر
قانوني.
تعليقات
إرسال تعليق