التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الدعوى العمالية في قانون العمل الكويتي

 


 

أقر المشرع الكويتي وسيلة لرفع الدعوى العمالية حيث نصت المادة 146 من القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي على:

" يجب أن يسبق الدعوى طلب يتقدم به العامل أو المستحقون عنه إلي إدارة العمل المختصة وتقوم الإدارة باستدعاء طرفي النزاع أو من يمثلهما ، وإذا لم توفق الإدارة إلي تسوية النزاع وديا تعين عليها خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب إحالته إلي المحكمة الكلية للفصل فيه.وتكون الإحالة بمذكرة تتضمن ملخصا للنزاع ودفوع الطرفين وملاحظات الإدارة."

 

كما نصت المادة 144 من ذات القانون على انه:

" لا تسمع عند الإنكار – بمضي سنة من تاريخ انتهاء عقد العمل الدعاوى التي يرفعها العمال استنادا إلي  أحكام هذا القانون، ويسري علي الإنكار  أحكام الفقرة 2 من المادة 442  من القانون المدني وتعفي الدعاوى التي يرفعها العمال أو المستحقون عنهم من الرسوم القضائية ومع ذلك يجوز للمحكمة عند رفض الدعاوى أن تحكم علي رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها وتنظر الدعاوى العمالية علي وجه الاستعجال."

 

و يستفاد من هذه النصوص أن الدعوى العمالية ترفع بطلب يقدمه العامل أو المستحقون عنه في حالة وفاته إلى إدارة العمل يوضح فيه المنازعة بينه و بين رب العمل على وجه الدقة مثال ذلك أن يحدد العامل حقوقه العمالية  على نحو دقيق فيطلب حقه في مكافأة نهاية الخدمة و بدل رصيد الاجازات و بدل الإخطار و غيرها من الحقوق التي يجب ان يذكرها في الطلب فإذا لم يذكر احدى هذه الحقوق في طلبه المُقدم إلى إدارة العمل سقط عنه الحق في طلبه الذي غفل عنه أمام القضاء.

و بمجرد تقديم العامل لهذا الطلب تعتبر الدعوى مرفوعة ويترتب على ذلك بذاته كافة الآثار التي تترتب على إيداع صحيفة الدعوى العادية إدارة الكتاب. و هذا الطلب لم يرسم المشرع الكويتي طريقاً معيناً يتوجب على العامل سلوكه عند تقديمه فيصح أن يقدمه العامل بنفسه أو بوكيل عنه، كما لم يشترط المشرع فيه صيغة معينة أو ان يتضمن بيانات محددة فيكفي ان يكشف الطلب عن هدف العامل في اقتضاء حقوقه من صاحب العمل على نحو جازم.

 

و يتعين على إدارة العمل المختصة عند تقديم الطلب إليها أن تسعى جاهدة لتسوية النزاع و هي مناط بها ان تستدعي الأطراف و تسمع الشهود و تكلف الخصوم بتقديم ما لديهم من أوراق و مستندات حتى يتم تسوية النزاع المعروض عليها، فإذا ما نجحت في ذلك انتهى النزاع و إذا فشلت جهودها في الوصول إلى تسوية بين الطرفين أحالت النزاع إلى المحكمة الكلية خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب إليها و تتضمن الإحالة مذكرة تشمل الإحاطة بتاريخ تقديم الطلب و ملخص موجز عن النزاع و الحقوق العمالية التي يطالب بها العامل على وجه التحديد.

و مؤدى ذلك أنه إذا رفع العامل أو أحد المستحقين دعواه مباشرة دون اتباع الطريق الذي رسمه القانون لاقتضاء حقوقه فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى و تقضي المحكمة بذلك ولو من تلقاء نفسها لتعلق الأمر بالنظام العام.

و في هذا المقام استقر قضاء محكمة التمييز على:

" ان مفاد نص المادة 96 من قانون العمل في القطاع الأهلي أن الطلب الذي يقدمه العامل إلى إدارة العمل للمطالبة بحقوقه العمالية هو الإجراء الذي تبدأ به المطالبة القضائية في الدعوى العمالية و الوسيلة القانونية لاتصال المحكمة بهذه الدعوى ومؤدى ذلك انه إذا رفع العامل دعواه مباشرة دون اتباع الطريق الذي رسمه القانون لاقتضاء حقوقه فإنها لا تنتج أثر في قطع التقادم و يعتبر التقادم الذي بدأ قبلها مستمراً في سريانه و ينتفي بذلك موجب إعمال المادة 448 من القانون المدني التي تنص على انقطاع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى ولو رفعت الدعوى لمحكمة غير مختصة ، كما أنه من المقرر أنه يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط وفقاً لنص المادة 448 سالفة الذكر أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه و لهذا لا تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة للتقادم إلا في خصوص هذا الحق و ما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه فإن تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً للتقادم بالنسبة للحق الآخر.

(طعن رقم 53 لسنة 2005 عمالي – جلسة 18/9/2006)

 

كما انه من المقرر في قضاء محكمة التمييز:

" أن مفاد نص المادة 146 من قانون العمل في القطاع الأهلي الجديد - المقابلة لنص المادة 96 من قانون العمل القديم رقم 38 لسنة 1969 - أن تقديم الشكوى العمالية إلى الإدارة المختصة بوزارة الشئون الاجتماعية قبل رفع الدعوى العمالية هو إجراء وحيد ضروري ولازم وبه تبدأ إجراءات رفع تلك الدعوى وأن ذلك من النظام العام لتعلقه بإجراءات التقاضي وحسن سير العدالة . لما كان ذلك ، وكان الحكم الإبتدائي المؤيد في هذا الخصوص بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم ضرورة تقديم المطعون ضدها لشكوى بطلب التعويض قبل رفع الدعوى الراهنة لكونها دعوى تعويض وليس بالمستحقات العمالية  مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويوجب تمييزه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن."

(طعن رقم 640 لسنة 2012 عمالي – جلسة 17/3/2014)

و من الجدير بالذكر أن المشرع أعفى العمال من الرسوم القضائية و حث القضاة على نظر الدعوى على وجه السرعة.

و قضت محكمة التمييز في هذا الشأن:

"  أنه مع وجود القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما لم ينظمه القانون الخاص من أحكام وأنه وإن كان المشرع قد نص في المادة 96/1 من القانون رقم 38 لسنة 1964 في شأن العمل في القطاع الأهلي على إعفاء الدعاوي التي يرفعها العمال طبقا لأحكام هذا القانون من الرسوم إلا أنه نص في عجزها على أن للمحكمة في حال رفض الدعوى أن تحكم على رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها ويدخل فيها مقابل أتعاب المحاماة. بما مؤداه أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم بالمصاريف إلا في حالة رفض الدعوى. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى الماثلة أنه قضى للطاعن ببعض طلباته أمام محكمة أول درجة ورغم خسرانه الاستئناف المقام منه فإنه يكون قد كسب دعواه ولم يخسر ما قضي له به, ومن ثم لا يجوز للمحكمة أن تلزمه بمصاريف استئنافه، إذا أن الرخصة التي خولها لها المشرع في ذلك مشروطة برفض الدعوى. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن-العامل- بمصاريف استئنافه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب تمييزه تمييزاً جزئياً فيما قضى به من الزام الطاعن بمصاريف استئنافه رقم 496 لسنة 2010 عمالي."

( طعن بالتمييز رقم 175 لسنة 2011 عمالي – جلسة 30/5/2012)


إن القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي مميز كثيراً عن القانون القديم و أبرز ما يميز القانون الجديد هو:

1 – حقوق ورثة العامل في الدعوى : أن المادة 146 قطعت في أن وفاة العامل لا تنفي الطبيعة العمالية للدعوى التي يرفعها خلفه العام على صاحب العمل للمطالبة بحقوقهم كورثة في مستحقات مورثهم العمالية و من ثم يجب عليهم التقدم بطلب إلى إدارة العمل قبل اللجوء للمحكمة و تختص الدائرة العمالية بنظر تلك الدعوى.

2 – توجيه يمين براءة الذمة عند التقادم الحولي : ارتبطت المادة 144 بتطبيق أحكام المادة 442 من القانون المدني في حالة تمسك صاحب العمل بسقوط دعوى العامل بالتقادم الحولي فأوجب على المحكمة أن توجه يمين براءة الذمة لرب العمل ولو من تلقاء نفسها باعتبار أن الأخذ بالتقادم يقوم على قرينة براءة الذمة وذلك على عكس القانون القديم حيث كان صاحب العمل يدفع بعدم سماع الدعوى لرفعها بعد انقضاء سنة على انتهاء عقد العمل دون ثمة أي اجراء آخر فتذهب حقوق العامل سدى ، كما ان أحياناً يصدر حكماً قضائياً باعتبار الدعوى العمالية كأن لم تكن لسابقة شطبها أو وقفها جزاء فيصعب على العامل العود إلى إدارة العمل و التقدم بشكوى جديدة فتكون قد مرت سنة على انتهاء عقد العمل مما يسبب ضياع حقوق العامل لذلك أصبح الأمر في ظل التشريع الجديد بذمة صاحب العمل و ضميره وهو موقف لا شك أفضل للعامل من ذي قبل .

و من المهم بوجه خاص الإشارة إلى ان المادة الرابعة من القانون رقم 6 لسنة 2010 قد نصت على أنه:

" تسري أحكام هذا القانون علي القطاع النفطي فيما لم يرد بشأنه نص في قانون العمل في قطاع الأعمال النفطية أو يكون النص في هذا القانون أكثر فائدة للعامل."

و حيث ان قانون العمل في القطاع النفطي خلا من قواعد تنظيمية خاصة لإجراءات رفع الدعوى العمالية فإن أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي الواردة في المواد 144،146،147 في هذا الخصوص تسري عليهم فلا يجوز لعمال القطاع النفطي أو مستحقيهم أن يقيموا الدعوى العمالية إلا بعد التقدم بطلب إلى إدارة العمل المختصة لتسوية المنازعات ودياً.

 

لا ضرورة من توقيع محامي على صحيفة الدعوى العمالية التي يقيمها العامل.

لا مراء من أن الدعوى العمالية إذا أقيمت من العامل بطلب إلى إدارة العمل طبقاً لنص المادة 144 من قانون العمل في القطاع الأهلي فإنه لا يلزم توقيع محامي على هذا الطلب حيث أن المشرع لم يشترط في الطلب شكل معين كما لم يشترط أن يقدمه العامل بنفسه على النحو الآنف ذكره و لكن في حالة إذا رفع صاحب العمل دعوى عمالية ضد العامل فإنها تخضع للقاعدة العامة بشأن لزوم توقيع محامي على الصحيفة حيث  نصت المادة 18 من قانون المحاماة على:

" فيما عدا الدعاوي التي لا تزيد قيمتها علي خمسه الاف دينار تبطل صحيفه الدعوي او الطعن او الالتماس اذا لم توقع من محام مقبول امام المحكمة التي ترفع اليها ولا يسري ذلك علي ما ترفعه الحكومة منها"

و مفاد هذا النص أن الدعوى العمالية التي يرفعها صاحب العمل على العامل إذا زادت قيمتها عن 5,000 د.ك فإنه يتوجب توقيع صحيفتها من محامي مقبول أمام المحكمة الكلية، أما إذا كانت لا تزيد عن هذا القدر فإنه لا يلزم لتوقيع المحامي على صحيفتها، فإذا لم تكن مقدرة القيمة و كانت غير قابلة للتقدير فإن قيمتها تعتبر أكثر من 5,000 د.ك تطبيقاً للمادة 44 من قانون المرافعات المدنية و التجارية و من ثم يلزم توقيع صحيفتها من محامي مقبول أمام المحكمة.

 

و هناك حالة استثنائية قد نتعرض لها وهي أن يقدم العامل طلب لاحق على رفع الدعوى العمالية الخاصة به إلى إدارة العمل المختصة أي ان رفع الدعوى سبق طلب تسوية النزاع . و تكون الدعوى في هذه الحالة رفعت بغير الطريق القانوني و يتعين على المحكمة عدم قبولها و القول بغير ذلك فيه إهدار للغاية التي استهدفها المشرع من تقديم الطلب إلى إدارة العمل وهو العمل على تسوية النزاع بين أطراف العلاقة العمالية بطريقة ودية، فضلاً عن ذلك فإن الشكوى اللاحقة هي دعوى مستقلة بذاتها تستقيم وتنتج كافة الآثار القانونية بمجرد تقديمها إلى إدارة العمل سواء انتهت بتسويتها ودياً او بإحالتها إلى المحكمة أم الدعوى التي رفعها العامل بغير هذا الطريق فإنها لا تنتج أي أثر قانوني.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصفة كشرط مستقل لقبول الدعوى

      تعتبر الصفة شرطاً لقبول الدعوى فإذا كان مقيم الدعوى يتصرف باسمه و لحسابه شخصياً بأن زعم بأنه شخصياً صاحب الحق الذي يطالب به، فإن الصفة في هذه الحالة لا تكون شرطاً مستقلاً لقبول الدعوى حيث يغني عنها شرط المصلحة الشخصية المباشرة ، و إذا تبين بعد فحص الموضوع أن المدعي ليس صاحب حق موضوعي ، فإن ذلك لا يعني انه لم يكن صاحب الصفة لأن وجود الصفة كان أمراً ثابتاً ، و بمقتضى هذه الصفة باشر المدعي حق الدعوى كحق مستقل عن الحق الموضوعي. لذلك كان من قضاء محكمة النقض المصرية: " الصفة في الدعوى شرط لازم وضروري لقبولها والاستمرار فى موضوعها فإذا انعدمت فإنها تكون غير مقبولة ويمتنع على المحاكم الاستمرار فى نظرها والتصدي لها وفحص موضوعها وإصدار حكم فيها بالقبول أو الرفض بما لازمه أن ترفع ممن وعلى من له صفة فيها " (طعن رقم 20939 لسنة 89 ق مدني – جلسة 24/3/2021) و لكن الصفة في الدعوى تتخذ أشكال مختلفة نتطرق لها على النحو الآتي: أشكال الصفة في الدعوى.   1 - الصفة العادية: الصفة العادية أو الموضوعية بأن ترفع الدعوى من ذي صفة ضد ذي صفة ،...

أحكام عامة في فسخ الزواج

      في كافة التشريعات العربية حرص المشرع على أن يضع فروق جوهرية في نصوص قانون الأحوال الشخصية تفصل بين الطلاق و فسخ عقد الزواج، فحدد المشرع الطلاق و الفسخ تحديداً تشريعياً صريحاً و لم يترك المجال لاجتهاد القضاة لاستنتاج حالة فرقة الزواج دون نص واضح.   لذلك نصت المادة 99 من القانون الكويتي رقم 51 لسنة 1984   بشأن الأحوال الشخصية على: " فسخ الزواج هو نقض عقده، عند عدم لزومه، او حيث يمتنع بقاؤه شرعاً ، وهو لا ينقص عدد الطلقات."   و قد عرفت المادة فسخ الزواج بأنه نقض عقده بما يؤدي إليه من إزالة ما يترتب عليه من أحكام فينقطع به ما بين الرجل و المرأة من الصلة الزوجية في الحال دون استناد إلى الماضي. و يحدد النص الآنف ذكره الفسخ في حالتين الأولى هي عند عدم توافر لزوم العقد من الأصل كما في حالة خيار الولي إذا تزوجت المرأة بغير كفء و الحالة الثانية هي حيث يطرأ على العقد سبب يمنع استمرار الزواج وذلك كما في حالة ارتداد الزوج المسلم، أو رفض الزوج الإسلام بعد إسلام زوجته أو رفض الزوجة غير الكتابية الإسلام أو الدخول في دين سماوي بعد إسلام زوجها. و فسخ ال...

مسائل عامة في الإثبات: الواقعة محل الإثبات

  الواقعة محل الاثبات: يرد الاثبات على واقعة معينة تكون هي محل الاثبات، وعلى من يدعي توافرها إقامة الدليل على ذلك، و محل الاثبات قد ينشأ عن تصرف قانوني كالتسليم في عقد البيع ، فتكون الواقعة  محل الاثبات هي الوفاء بهذا الالتزام الناشئ عن العقد مما يوجب على طرفي العقد إقامة الدليل على تسليم المبيع ، حيث يتوجب على كلا الطرفين الالتزام بعقد البيع و تنفيذ أحكامه، فلا تبرأ ذمة كل منهما إلا إذا قدم الدليل على انه قد قام بتنفيذ ما التزم به طبقاً لقواعد الاثبات المتعلقة بالتصرفات القانونية. و من المقرر في قضاء محكمة التمييز الكويتية: "   أن الالتزام ذاته لا يكون محلا للإثبات بل هو يستخلص من مصدره و هو الواقعة القانونية التي تكون محلا للإثبات ، فمن ثم كان علي من يدعي قيام الكفالة التجارية أن يثبت مصدر الالتزام بها و هو عقد الكفالة . و كان قيام الكفالة أو نفيها من سائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ، و حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها في هذا الخصوص ، و أن تقيم قضاءها علي أسباب سائغة تكفي لحمله." (طعن رقم 236 لسنة 1985 تجاري – جلسة 2/7/1986) و قد يكون م...

تعريف فسخ العقد و شروطه

        فسخ العقد الاتفاقي   تعريف فسخ العقد: نصت المادة 157 من القانون المدني المصري و المقابل لها المادة 209 من القانون المدني الكويتي على: (١) في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد اعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض . (٢) ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك، كما يجوز له أن رفض الفسخ إذا كان ما لم يرف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته." و المستفاد من نص هذه المادة وفقاً لشرح الفقهاء ان فسخ العقد هو حل الرابطة العقدية في عقد ملزم لجانبين صحيح و قائم وساري وذلك جزاء و بسبب اخلال أحد اطرافه بالتزاماته الناشئة عنه و ذلك للشروط العشرة الآتي سردها: شروط الحكم بفسخ العقد: 1 – أن يكون العقد المطلوب فسخه ملزم للطرفين فلا يسري على عقود ملزمة لجانب واحد كالوديعة و الكفالة و الوصية و الهبه و الوكالة و الإقرار ، فالإقرار هو تصرف قانوني كاشف بالإرادة المنفردة وهو حجة على المقر فلا يرد عليه الفسخ الذي لا يكون إلا في الع...

الدعاوى الوقائية في قانون المرافعات المدنية و التجارية

          أجاز القانون قبول الدعوى في حالات معينة تبدو المصلحة فيها غير قائمة و هي حالة ما يسمى بالدعاوى الوقائية.   و يقصد بهذه الدعاوى هي التي يطلب فيها المدعي من المحكمة أن تفصل في مسألة صحة أو مضمون مركز قانوني معين دون أن يكون ثمة ضرر حال قد حاق بالمدعي و لكن من المحتمل وقوعه.   و الدعاوى الوقائية هي تمثيل للمصلحة المحتملة هذه المصلحة التي ذكرتها المادة الثالثة   من قانون المرافعات المدنية و التجارية المصري و التي نصت على: " لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون. (١) ومع ذلك تكفى المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه. وتقضى المحكمة من تلقاء نفسها، في أي حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين. ويجوز للمحكمة عند الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أن تحكم على المدعى بغرامة إجرائية لا...

تعريف الطلاق و وقوعه من غير الزوج

  عرفت العديد من التشريعات العربية الطلاق بأنه حل عقدة الزواج الصحيح بإرادة الزوج أو من يقوم مقامه بالصيغة الموضوعة له شرعاً. و الطلاق لا يكون إلا في زواج صحيح ذلك أن رابطة الزوجية لا تثبت بالزواج غير الصحيح، فالزواج الفاسد لا طلاق فيه و إنما يفرق القاضي فيه بين الطرفين إن لم يتفارقا من أنفسهما و ذلك لأن استمرار هذا الزواج الفاسد و تمسك كلا الطرفين به جريمة حرام شرعاً يجب الحيلولة دون استمرارها. و ترتيباً على ذلك فإن ما يسري على الزواج الفاسد هو فسخ عقد الزواج حتى و إن استوفى شروط انعقاده.   و يقع الطلاق إما بإرادة الزوج أو من يقوم مقامه، و حتى يقع الطلاق من الزوج وقوعاً صحيحاً و ينتج آثاره يجب ان يكون الطلاق ناتج عن إرادة حرة فإذا ثبت أن إرادة الزوج عند إيقاعه للطلاق قد شابهها عيب من عيوب الرضا كالإكراه أو الغلط أو التدليس فلا يقع الطلاق. و إذ كان الأصل أن سلطة الطلاق بيد الزوج إلا ان المشرع المصري و الكويتي و الإماراتي قد أقروا السماح بأن تكون سلطة الطلاق للغير إما باختيار الزوج و إرادته كالوكيل، و اما رغماً عنه عندما يكون صدر عن الزوج ظلم أو مضارة حيث يمنح المشرع ...

المصلحة كشرط لقبول الدعوى القضائية

    يشترط لقبول الدعوى القضائية أن تكون هناك مصلحة يسعى إليها المدعى من جراء تقدمه بالطلب القضائي فإذا عُرض الطلب على القاضي فإن هذا القاضي يبحث مسألتين الأولى هي: هل الطلب مقبول؟ و المسألة الثانية: هل الطلب مؤسس تأسيساً صحيحاً أي يتضمن من الأدلة و المستندات ما يؤدي إلى الحكم للطالب بما طلبه؟ و من الطبيعي ان بحث مسألة القبول يسبق بحث مسألة الحكم في موضوع الطلب. فإذا كان الطلب غير مقبول لعدم استيفاء شروط القبول (التي سنذكرها في مقالات لاحقة ولكن أهم هذه الشروط هي المصلحة) فإن القاضي يعلن عدم قبول الطلب. و إذا توافرت شروط القبول انتقل القاضي إلى بحث مسألة وجود الحق الموضوعي أو عدم وجوده، و يكون حكم القاضي في الموضوع حكماً قطعياً له حجية و يستنفد القاضي سلطته بإصداره. و حيث ان شرط المصلحة هو أحد الشروط الجوهرية لقبول الدعوى فإننا لا نجد محيصاً إلا ان نتطرق له ونتناوله بالتفصيل على النحو الآتي بيانه: تعريف المصلحة و ضرورة استمرارها: تنزيهاً لساحات القضاء عن العبث، و توفيراً لوقت وجهد القضاء، و سداً لباب الدعاوى الكيدية نص المشرع المصري في المادة الثالثة من قانون المرافعا...

أنواع الطلاق في قانون الأحوال الشخصية

      تناولت التشريعات العربية أنواع الطلاق فقد نصت المادة 98 من القانون الكويتي على: أ – الطلاق نوعان: رجعي و بائن.   ب – الطلاق الرجعي لا يزيل الزوجية قبل مضي العدة. جـ - الطلاق البائن يزيل الزوجية في الحال. وهذا التقسيم لأنواع الطلاق ورد في جميع التشريعات العربية سواء من اتبعت منها مذهب المالكية او الحنفية.   الطلاق الرجعي في ضوء القاعدة القانونية لا يزيل الزوجية إلا بعد انقضاء العدة منه، فهذا الطلاق لا يزيل شيئاً من آثار الزوجية حال وقوعه بل تبقى الزوجية قائمة ويستمر حل الاستمتاع بين الزوجين كما لا يستحق بوقوعه أجل الصداق، ولو مات أحد الزوجين خلال العدة ورثه الأخر ، و للزوج في هذا النوع من الطلاق ان يرجع عنه خلال فترة العدة و إن لم ترضى الزوجة، و بالمراجعة تنقطع العدة ولا يبقى للطلاق من تأثير سوى نقص عدد الطلقات الثلاث التي يملكها الرجل على زوجته، و تتم المراجعة بدون عقد جديد و دون اشتراط موافقة الزوجة، فإذا لم تراجع حتى انقضت عدتها انتهت الزوجية و تحول الطلاق الرجعي إلى طلاق بائن. و قد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على: " المقرر في فقه الح...

أركان جريمة الفعل الفاضح العلني

      تنص المادة 278 من قانون العقوبات المصري على: "كل من فعل علانية فعل فاضح مخل بالحياء، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه" كما تنص المادة 198 من قانون الجزاء الكويتي على: "من أتي إشارة أو فعلاً مخلاً بالحياء في مكان عام بحيث يراه أو يسمعه من كان في مكان عام ، أو تشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين" و من الجلي ان الهدف من تجريم الفعل الفاضح هو حماية الشعور العام بالحياء لدى المجتمع و الذي يتأذى من إتيان أفعال ذات دلالات جنسية بصورة علنية، علاوة على ذلك فالمشرع يسعى إلى تثبيت الفضيلة و الأخلاق و الحفاظ على نقاء الأماكن العامة من تلك الأفعال. و لهذه الجريمة ثلاث أركان هم: 1 – الركن المادي و يتمثل في ارتكاب فعل مخل بالحياء العام. 2 – العلانية. 3 – القصد الجنائي. فلا تتحقق الجريمة إلا بتوافر الثلاثة أركان مجتمعة وهو ما أكدته محكمة النقض المصرية في أحكامها حيث انه من المقرر في قضاء محكمة النقض : " أن جريمة الفعل الفاضح العلنى ع...