في
كافة التشريعات العربية حرص المشرع على أن يضع فروق جوهرية في نصوص قانون الأحوال
الشخصية تفصل بين الطلاق و فسخ عقد الزواج، فحدد المشرع الطلاق و الفسخ تحديداً
تشريعياً صريحاً و لم يترك المجال لاجتهاد القضاة لاستنتاج حالة فرقة الزواج دون
نص واضح.
لذلك
نصت المادة 99 من القانون الكويتي رقم 51 لسنة 1984 بشأن الأحوال الشخصية على:
"
فسخ الزواج هو نقض عقده، عند عدم لزومه، او حيث يمتنع بقاؤه شرعاً ، وهو لا ينقص
عدد الطلقات."
و
قد عرفت المادة فسخ الزواج بأنه نقض عقده بما يؤدي إليه من إزالة ما يترتب عليه من
أحكام فينقطع به ما بين الرجل و المرأة من الصلة الزوجية في الحال دون استناد إلى
الماضي.
و
يحدد النص الآنف ذكره الفسخ في حالتين الأولى هي عند عدم توافر لزوم العقد من
الأصل كما في حالة خيار الولي إذا تزوجت المرأة بغير كفء و الحالة الثانية هي حيث
يطرأ على العقد سبب يمنع استمرار الزواج وذلك كما في حالة ارتداد الزوج المسلم، أو
رفض الزوج الإسلام بعد إسلام زوجته أو رفض الزوجة غير الكتابية الإسلام أو الدخول
في دين سماوي بعد إسلام زوجها.
و
فسخ الزواج لا يكون إلا في الزواج الصحيح كما في الطلاق لأن الزواج غير الصحيح
يكون غير منعقد فلا يرد عليه الفسخ. و لكن فسخ الزواج يختلف عن الطلاق حيث انه لا
يرتب نقص عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته حتى لو كان سبب الفسخ يرجع إلى
الزوج وحده.
و
هناك عدة حالات لفسخ عقد الزواج تناولتها
نصوص القانون وقد وردت على سبيل المثال لا الحصر منها حالة ثبوت إصابة أحد الزوجين
بعيب مستحكم و حالة اسلام الزوجة غير المسلم و رفض الزوج غير المسلم الإسلام، أو
إسلام الزوج و رفض الزوجة غير الكتابية الإسلام أو الدخول في دين سماوي ، أو
اقتران عقد الزواج بشرط ينافي أصله
و سوف نتعرض لهذه الحالات
بالتفصيل في مقالات لاحقة.
لا
يجوز فسخ عقد الزواج إلا بحكم قضائي.
نصت
المادة 100 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي على:
أ-
يتوقف الفسخ في جميع الاحوال على قضاء القاضي، ولا يثبت له حكم قبل القضاء.
ب-
ولكن إذا كان سبب الفسخ يجعل المرأة محرمة على الرجل، وجبت الحيلولة بين الزوجين
من وقت وجود موجب الفسخ حتى حكم القاضي.
و
المستفاد من هذه المادة ان فسخ الزواج يتم رغماً عن إرادة الزوجين أو أحدهما و قد
أوكل المشرع حق الفسخ وسلطته إلى القضاء دون غيره خاصة أن أسبابه تحتاج إلى فحص و
تمحيص قضائي، ولذلك نصت الفقرة أ من المادة على ان فسخ عقد الزواج يتوقف على قضاء
القاضي وذلك في جميع الأحوال التي يتوجب فيها فسخه.
ولا
يثبت للفسخ حكم قبل القضاء به وهو ما يعني أن الحكم الصادر بفسخ العقد يعد ذا طبيعة
منشئة وليست كاشفة فلا يرتد أثره إلى وقت نشأة السبب الموجب للفسخ وإنما تترتب
آثاره من تاريخ صدور الحكم النهائي به.
و
الغرض من عدم وقوع الفسخ إلا بحكم قضائي أن المشرع وعلى سبيل الاحتياط اعتبر ان
حرمات المصاهرة لا تثبت بالزنى فقطع بذلك هذا الطريق على من يتخذونه مطية للفرقة و
على دعاوى قصد بها التشهير و الكيد فلا فسخ بسبب اتصال بطريق الزنى، كان يوجب حرمة
المصاهرة لو كان اتصالاً بزواج صحيح إلا بحكم قضائي يصدر بالفسخ، كما ان في أحكام
ردة الزوج من الدقة ما يوجب الفصل فيما يعتبر ردة و ما لا يعتبر بحكم قضائي يصدر
بعد بحث و تمحيص وإقامة الدليل الشرعي على ارتداد الزوج عن الإسلام.
أما
الفقرة ب من المادة السابق ذكرها فإنها تتعلق بحالة فسخ العقد بسبب محرمية المرأة
على الرجل كما في حالة ثبوت زواج المرأة من رجل آخر غير زوجها أو زواج الرجل من
أحد محارمه و في هذه الحالة و إن استمر اثر الحكم بالفسخ على حاله من اعتباره حكم
منشأ و ليس كاشفاً لا تتحقق آثاره إلا من تاريخ صيرورته نهائياً و لكن يتوجب
الحيلولة بين الزوجين من وقت وجود موجب الفسخ وحتى صدور الحكم به و يتحقق ذلك في
هذا الخصوص بإصدار القاضي حكماً له صفة الاستعجال و قبل الفصل في الموضوع و من
خلال بحث ظاهر الأوراق بالتفريق بين الزوجين مؤقتاً إلى حين صدور الحكم في الدعوى.
إقامة
دعوى فسخ الزواج وعرض الطلب على القاضي.
يصدر
القاضي الأمر بالتفريق بين الزوجين بناء على طلب يقدمه أي مسلم إلى نيابة الأحوال
الشخصية التي تقوم بدورها بعد التحقيق بإقامة الدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية عملاً
بحكم المادة 337 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي التي تنص على:
"
على النيابة العامة ان ترفع الدعاوى، او تتدخل فيها اذا لم يتقدم احد من ذوي الشأن
، وذلك في كل امر يمس النظام العام."
وتتقدم
النيابة بطلب الحكم بالتفريق بين الزوجين مع بيان السبب الذي يدعو إلى التفريق و
بصفة مستعجلة الحكم بالتفريق مؤقتاً فيما بينهما و إلى حين صدور الحكم في موضوع
الدعوى.
إن
الطلب الذي يُقدم إلى محكمة الأحوال الشخصية لا يقتصر على نيابة الأحوال الشخصية
وحدها بل ان لكل ذي صفة أيضاً ان يقيم الدعوى مباشرة أمام القضاء حيث سيتطلب الأمر
تدخل النيابة العامة و ابداء الرأي فيها ومن ثم سيتطلب الأمر تدخل النيابة العامة
وابداء الرأي فيها بمذكرة تقدم إلى المحكمة على النحو المنصوص عليه بالمواد من 337
حتى 341 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي.
استحقاق المرأة للمهر من عدمه عند فسخ الزواج.
فسخ
الزواج قبل الدخول أو قبل الخلوة الصحيحة يسقط جميع المهر، لأن الزواج قد رفع ولا
دخول فكأنما العقد لم يوجد.
اما
إذا تم الفسخ بعد الدخول الحقيقي أو الحكمي أي تمام الخلوة دون الدخول و سواء كانت
الخلوة هي خلوة اهتداء أو خلوة زيارة على ما يعتمده الفقهاء. فإنه يجب للمرأة
قدراً من المهر المسمى في العقد جميعه آجلة و عاجله ، فإن لم يكن قد سمي مهر
للمرأة استحقت قدراً من مهر المثل كمهر اختها أو ابنة عمها أو امرأة من عائلتها ،
هذا القدر يقوم القاضي بتحديده عند رفع الأمر إليه.
و
من الجدير بالذكر انه يتعين على القاضي عند النظر في تحديد القدر المستحق من
الصداق اعتبارين أساسيين أولهما أن الزواج عقد العمر و مبناه على الدوام، وثانيهما
انه طالما قد تم الدخول المشروع فلا يمكن ان يخلو شرعاً من تعويض، فضلاً عن ذلك
فإن تحديد مقدار ما تستحقه المرأة من الصداق يتعين ان يراعى في تقديره جوهريين:
الأول
: حال المرأة من
حيث البكارة أو الثيوبة ، فالثيب أكثر مضارة من الزواج عمن ينفسخ زواجها وهي
لازالت بكر.
الثاني: المدة التي قضتها المرأة مع الزوج قبل الفسخ ،
فكلما استطالت مدة الزوجية زاد المستحق لها من المهر بما يتناسب مع تلك المدة.
لذلك
نصت المادة 101 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي على:
"
أ- فسخ الزواج بعد الدخول او الخلوة الصحيحة يوجب للمرأة من المهر المسمى او من
مهر المثل عند عدم التسمية مقدارا مناسبا بحسب بكارة المرأة او ثيوبتها والمدة
التي قضتها مع الزوج قبل الفسخ.
ب-
اذا كان الفسخ بعد الدخول او الخلوة الصحيحة بسبب ارتداد الزوج عن الاسلام استحقت
الزوجة جميع المهر."
ويتبين
من هذه المادة ان الفقرة ب استثنت على القاعدة العامة المنصوص عليها بالفقرة أ
حالة ما إذا كان سبب الفسخ بعد الدخول أو الخلوة هو ارتداد الزوج عن الإسلام ففي
هذه الحالة تستحق الزوجة التي انفسخ عقد زواجها لهذا السبب جميع الصداق المستحق
لها آجله و عاجله وذلك حتى لا تتخذ الردة ذريعة لإسقاط الصداق، ولكن إذا عاد الزوج
إلى الإسلام خلال العدة ، عاد عقد الزواج إلى سريانه و اعتبر الفسخ كأن لم يكن
وعادت الزوجية سيرها الأولى.
و
من المقرر في قضاء محكمة التمييز الكويتية:
"النص
في الفقرة الأولى من القانون 101 من القانون رقم 51 لسنة 1984 بشأن الأحوال
الشخصية على أن " فسخ الزواج بعد الدخول أو الخلوة الصحيحة يوجب للمرأة من
المهر المسمى أو من مهر المثل عند عدم التسمية مقداراً مناسباً بحسب بكارة المرأة
أو ثيوبتها والمدة التي قضتها مع الزوج قبل الفسخ " مفاده – على ما ورد
بالمذكرة الإيضاحية – أن المشرع ترك للقضاء تطبيق هذه المقاييس على الوقائع
المختلفة التي تتفاوت فيها ظروف الحال مع وجوب مراعاة أمرين أساسين أولهما إن
الزواج عقد العمر ، ومبناه الدوام ، وثانيهما " أنه متى تم الدخول المشروع ،
فلا يمكن أن يخلو شرعاً من تعويض في حال
فسخ العقد وفقاً لهذا النص وقد جمع المشرع بين هذين الأمرين مع مراعاة الثيوبه
والبكارة والمدة التي قضتها الزوجة مع الزوج قبل الفسخ في تقدير ما تستحقه في حالة
الفسخ وبذلك يكون قد سلك طريقا وسطا بين أقوال الفقهاء .لما كان ذلك ، وكان الأصل
حسبما نص في المادة 61 من القانون سالف الذكر على أن " يتأكد المهر كله
بالدخول الحقيقي أو بالخلوة الصحيحة ، أو بموت أحد الزوجين " قد ورد في صيغة
عامة إلا أن المشرع استثنى من تلك القاعدة الحالة المنصوص عليها في المادة 101/1
سالفة البيان .لما كان ذلك ، وكان لحكم المطعون فيه قد قضى بفسخ العقد المؤرخ
8/10/1996 وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤدياً للمطعون ضده الأول نصف المهر
المسمى بينهما بالعقد المذكور وقدره 3000 دينار عملاً بحكم الفقرة الأولى من المادة 101 من القانون سالف
البيان فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح ويكون ما ورد بسبب النعي على غير أساس .
(طعن
بالتمييز رقم 752 لسنة 2004 أحوال شخصية – جلسة 17/10/2004)
و
نشير وضوحاً إلى ان ارتداد الزوجة لا يفسخ الزواج و من ثم لا تستحق الزوجة شيئاً
من الصداق بارتدادها.
تعليقات
إرسال تعليق